يعبرون حبي، كما يعبرون شحاذا
طردته الطريق، ولأني لا أعرف
لغة البدو بعد النبيذ، ولا كلام القيظ
للسراب، أمشي ملئ صخرة، أرى
الأيادي من حولي هاوية، وأقرأ
وجهي، لعلي أعثر عليَّ خلف غبار
ليس لي، كم تشتد فيَّ الأقنعة، كنت
أهذي، لم يكتمل يقيني الحتمي كي
أعلن الضحية، وأخبر عما سيحدث
لغيمة وقعت تحت صحراء تؤلم الماء
وهم يمرون على خطاي البطيئة نحو
بدايتي، كن ما شئت فلن، وانتحل
ما شئت من صور النحيب نحن
لا نصدق مَن لا يشبهنا وقل يأسك
على عجل، فلا وقت لدينا، قالوا
وتركوا جدارا بيني وبين قلبي
***
لغتي بريئة من دم الخطابة، ومن
بكائية ليالي الرماد، أنا الواقعيُّ
الذي يأبى النهارُ أن يضيء حلما
كان يراودني أحرس خيالي من
العتمة، وأنصت إلى جهة الشرق
لم يبق شيء غير هذا الخريف،
يابسة أرضنا يائسة، لا دور لنا
هنا سوى النايات، نودع النخيل،
ونسأل النار عن مصيره بعدنا،
للآلهة ما تشتهي من عاشقات
يخن الجنود، وهم بين الخُوذات
وألم الذكريات قرابينا، وهدايا
منسية في حقيبة الحرب، كم من
موت يلزمني لأستريح، ومسافة
قصيدة تفصلني عن قتلي اليومي،
عائدا من حانة عشقي يحملني تعبي
***
كأنها تشبهني سرا، تسافر معي في
زنزانتي نفسي، وتلوح بالعودة للذين
رحلوا، لو كان لي قمر لرأيت ليلي
حافيا مني بين مرايا المسافات، ولو
كنت قربها ما تركَتْ صورتي فيها
تختفي، وتنأى عني شتاء لا تسعه
المنافي بداخلي، ولدتُ بعد موعدي
بهزيمة، كانت الفوضى ترتب أيامي
على مقاس خرافة، وتنثر الماضي
حول حاضري، ورمتني خارجها،
وجدت نفسي وحيدا أرتد إلي، ضيقة
هي السماء، والأرض قد وهبت
شساعتها للمواكب الملوك، لم أجد غير
قلب أمي، حيث يؤنسني الله، هاهنا أكبر
بجواره، لا معبدا يعلمني الموت، ولا
كاهنة تطل من شباك الغيب على نهايتي
ليس حزنا أن أعري ما تخبئين أغنية
ترددها حناجر القتلى، فالغروب لون
عيني، وما ظلام حبري إلا طربي