هجرت حلمي العنيد
ونسيت ماذا أبتغي، وكيف أريد
فلا تسألني متى يأتي الربيع،
ومتى يرحل عني الخريف والمطر
ولا كيف صارت نرجسي
بسواد الليل، كذبول السحر
وكيف ينحني شموخ الجبال
وينضب الخصب من جذور الشجر
وقل لي كيف ينبت الزهر في الصحاري
وكيف ينمو فيها الشجر
وكيف تصمد الجبال
وكيف تقاوم جفوني غزير المطر
لا تسألني، فإنني غدا راحلة
بلا حقيبة، أو تذكرة سفر
قد أحيا كالغريب
لا صديق، ولا خل، ولا حبيب
وأظل تحت السديم،
أو قد ينأى عني القمر
وتموت في قلبي الأمنيات
وأنسي أني بشر
أو قد تجدني يوما على وجه الشمس
أو محفور اسمي على الصخر
وغدا إنني راحلة
بلا حقيبة أو تذكرة سفر
كي ألقاك هناك في الأفق البعيد
كي أكون ما تريد
فقد أسرني طوق العرفان
فلا تلمني عن الأحزان
فلدي قلب وحيد
يحيا في حزن بصوت عنيد
ويموت في فرح الرحيل
ويحطم جسدي العليل
أأرحل بلا قلب؟
أم أحيا بطوق وإكليل؟
إنني راحلة، ولست أدري
ما معنى البقاء في درب الرحيل
وكيف يلتف الفرح والشقاء
في قلبي الكليل.
فلا تسألني أين المقام في زمن غادر
تغريــني فيه الأنفـاس عمـرا وما أنا بثــائر
أخالني أمضي طليقا وما أنا إلا للأغلال بسائر
خليـــــلي المجــــد مثواه حفنة أتراب
فإن قضيــت فلن أقضين العمر في عتـــــاب
ولن تأسرني النوائب، ولن أهون في كلــــم
وأشـــــــــق طريق الشـــــــوك في اهتداء
وأهزم الصخر الــــــــذي أثقل كاهلــــي
وأقول لسديم الموت، لا ينتهي الحلم بالفناء
غدا سيحيا كما تحيا قطوف الورد في أمل
ويبزغ شعاع النور الذي انطفئ في سمائي
وتحـــــمله أوراق الخـــــريف في عبـث
ويشتـعل من بقــــايــــا الرمــــاد والنــــار
فمن يعـــــيش احتراقا بنيران الضيــــــــــاء
ليـس كمن ألــف الركــون إلـــى ظـــل الشجــر
يرى السمــــــــــاء ملأى بالنجـــــــوم
تعلـــو، فيعلــــــوها القــــمــــــــــــر
ومن يحلق طليقــا فوق قمم الجبـــال
ليس كالأسارى تعلو زاحفات تحـت رؤوس البشر
تحيا المواقف متيمات فـي حب الرجال
وظلمات الليـل لن تعانقن أبد الدهر ضوء القمـر
وأعيـش أنـا كما أنـا، أكـون الـيوم وغدا أنا
لأنــه لمــــــن أراد استجـــــــــاب القــــــــدر