وقالَ لي: " إذَا رأيْتَ النّارَ فَقَعْ فيها ولا تَهْرُبْ، فإنَّكَ إنْ وَقَعْتَ فيهَا انْطَفَتْ، وإنْ هَرَبْتَ منْها طَلَبَتْكَ وَأَحْرَقَتْكَ"
النفري
وَأَحْرقتْني نارُ الشّوْقِ إليْكَ،
وَلَمْ أنْطَفِئْ.
وقَعْتُ واْنتَهَيْت،
ولم أنكفئْ.
ظَلَلْتُ أهْفُو إلى الأُفْقِ الّذي ألْهَبَكْ.
هربْتُ منْكَ إليْكَ،
فَاجْعَلْ لي صَرْحًا بالْحَرْفِ لَعَلّي
أَبْلُغُ الشّوْقَ كُلَّهُ الذّي جَلَّلَكْ.
أرُومُ الّذي رَمَوْهُ في اليَمِّ وَلَمْ،
نَجَوْتُ منَ الْغَرَقِ وَلَمْ أَنْجُ مِنَ الشَّرَكِ.
أيّتُها الضّادُ المُتَرَنِّحَةُ
أقِيمي حاءَ المَحَبَّةِ ولا.
أيَّتُها الضّادُ،
كَمْ أحْتاجُ مِنْ صَمْتٍ كيْ
أُفْلِتَ المَعْنى منْ يَدَيَّ.
أنْتِ كاشِفَةُ الحجابِ والمِحْرابِ،
وأنْتِ الوشاحُ الذي ليسَ له إخفاءُ،
وأنتِ الشّوقُ الذي ليْسَ لَهُ إنْشاءُ،
فما عَسَاني أطْلُبُ إلّا القُرْبَ الذي
أَخَذْتِ وَمَا أَبْقَيْتِ،
لكِ البشَارَةُ القادِمُة منَ الأفُقِ،
مِنْ أُفْقِ الحَبيبِ.
يا حَبيبي
خُذِ الفُؤَادَ وَوَدِّعْ قُيُودَكْ،
هَبْ بَحْرَ الْخَلِيلِ السّاكِنِ مَوْجَهُ الْمُشْرَعَ على رُؤْيا القَلْبْ،
وانشُر قلاعَ الضّادِ عنْدَ الْهُبُوبِ...
وَدَعْ عَنْكَ "يا لَائِمِي في الهَوَى" فَأَنَا،
أهْوى الّذي لا يَلُومُ.
لا النّارُ انْطَفَأَتْ ولا الماءُ غاضْ،
تَمَازَجَا في حَيْرَتي وَارْتِحَالي...
فَلَا سَلِمَ مَنْ وَقَعْ، ولا مَنْ يَبُوحُ،
وَلا سَلِمَ مَنْ رَكِبْ،
فَخُذْ مُرْتَشفًا
هَا طَيْفُ الإصْبَاحِ يَلُوحُ،
ومَاءُ الوَرْدِ يَغْسِلُ الأَزْرَقَ فِينَا.