الميّــــت..
يتبع جنازة..
كان في مقدمة المشيعين، يردد معهم :
"لا إله إلا الله محمد رسول الله"
في المقبرة خلق آخر.. يلف المكانَ الهدوءُ، والسكـون..
الميْت مسجـى محمول على الأكتاف .. يستعد أهله لإلحاده ..
يسبقهم، ويحشر نفسه في القبر..
رثــــــــــــاء
يوم متّ لم يبكني أحد..
وغداً.. "يا لهف نفسي من غـــد.."
لن أكون معهم،وبدوني سيسهرون..
وسيحتفلون..
ســـ ...
[ ... ]
سينقص منهم ثانٍ و ثالث...
آخرهم.. سيبكينا جميعاً..
لن يجد من يواريه التراب..
وجهاً لوجه..
يحفر قبــــره، و يسقي تربته بعرقه..
وأفعى ، من كومة تراب ، تفرع، تفرد أذنيهاـ تفح..
يسمعها، يصعق..
وقبل أن يرفع معوله ، كانت قد لفّتْ حول عنقه..
ضاع صوته،
وجها لوجه..أدرك أنه هالكٌ لا محالة،
بصعوبة مالت عيناه إلى قبره المحفور،
بكى، وشكلت دموعه عبارة :
" سم الإنسان زعاف قتلني قبلك.."
انتحار..
غدر بها الحبيب والزمن معاً..
هوت من القاع كشلال..
بقي الرقيب وراءها... مذهولا..
أطل على بحرها..
غرق في مداه ... دون أن يبتل..
ثم حوّل نظره إلى اليابسة بحثاً
عن ضحية جديدة ..
يموتُ.. تموت..
ينزف البكاء دموع المقربين،
والغرباء أيضاً..
الميْت مسجى وسط الصالة...هي وحدها لم تكن تبكي..
يذكر لها المعزون مناقب زوجها، فتزم شفتيها ساخرة منهم..
يحضر النعش، ويتقدم الحاملون، تسبقهم وتعاتبهم على الإبكار.
في هذه اللحظة يزداد الصراخ، ويرتفع النحيب..
سارت مع الركب، وهي ممسكة بيد أحد الحاملين...
تضغط ولا يحس بها.. لكنه يروزها بعين ملاحظ دقيق..
ويكتشف أن المرأة التي معهم ما هي إلا انعكاس...
و أنها هي من يحملون في النعش لا زوجها..
موت..
أحلم بأني ميْت...
تركوني في العراء دون دفن ،
وفي الصباح..
أدركتُ أنه علي أن أحيا أولاً..
كي أموت...