رآها تلتف في ثوب أسود و تدق الأبواب و تمضي مهرولة لا تنتظر مجيبا، تدقها بابا بابا، والأبواب لا تفتح وراءها أبدا.
و عندما أكملت دق كل أبواب الزقاق، التفتت ، لم يكن أي أحد، أقبلت حتى توسطت الزقاق، خلعت بمهل لباسها كله ،ورمته قطعة قطعة بعيدا في الهواء، و ضعت يديها حول فمها و أطلقت زعرودة اخترقت كل الأبواب، لم تفتح الأبواب إنما تململت النوافذ، و طار منها بوم و غربان.
قهقهت في وجه السماء بخبث ، و رقصت بنهديها وردفيها على حفيف الأجنحة، ثم صارت تخرج من جسدها أحجارا و قنابل وترجم بها الأبواب . بعضها تكسر، و بعضها انفجر، وإذا بالزقاق تملؤه الجرذان. بدت هي وسط الجرذان التي غطت قدميها عملاقة أكثر، زادت في قهقهاتها اتجاه السماء، حتى اصطكت النوافذ، ثم أخذت تلتقط الجرذ، تلو الجرذ ، تقذف به في الفضاء ، و تفتح فمها لتعترض طريق سقوطه و تلتهمه بتلذذ. ظلت تفعل ذلك حتى لم يبق جرذ في الزقاق، لم تلتهمها كلها ، إنما أكثرها هرب إلى المجاري. بعدها أخرجت من جنبيها و ذراعيها جناحين ،وحلقت عاليا في أثر البوم و الغربان تاركة الزقاق بلا أبواب.
نهض هو مذعورا و هرول باتجاه باب البيت، لازال تابثا في مكانه، فتحه و أطل برأسه على الزقاق، كان كل الجيران يطلون برؤوسهم،تراجع مذعورا مرة أخرى ،و بسرعة أغلق خلفه الباب و قصد فراشه مجددا وهو يتساءل::
أيعقل أن يحلم الزقاق كله نفس الحلم؟