يعد جوليان أسانج في نظر جمهوره داعياً باسلاً إلى الحقيقة. لكنه في نظر منتقديه باحث عن الشهرة عرّض حياة كثيرين للخطر عبر عرضه هذا الكم الهائل من المعلومات الحساسة على العموم.
ويوصف أسانج من قبل من عملوا معه على أنه مندفع وفائق الذكاء، ويتمتع بقدرة استثنائية على خرق شفرات الكمبيوتر.
وأسانج الذي يعد كثير الحركة والتنقل، يدير ويكيليكس من مواقع مؤقتة وأماكن مختلفة.
وبحسب مراسل مجلة "نيويوركر" رافي كتشادوريان، يمكن لأسانج أن يمضي أياماً عدة بلا طعام، مركزاً على العمل بدون النوم لساعات كافية.
ويضيف: "انه يخلق هذا الجو من حوله، بحيث يجعل القريبين منه يرغبون بالاعتناء به حتى يستمر في العطاء".
ويضيف: "ربما لذلك علاقة بالكاريزما التي يتمتع بها".
وتردد أسانج في الكشف عن خلفياته، لكن اهتمام الاعلام به منذ ظهور ويكيليكس أعطى فكرة عنها.
ولد جوليان اسانج في تاونسفيل بكوينزلاند شمال أستراليا عام 1971، وعاش طفولته في ترحال مع والديه اللذين كانا يديران مسرحاً جوالاً.
رزق بطفل وهو في ربيعه الثامن عشر، وسرعان ما بدأت المشكلات ليخوض معارك قضائية من أجل حق الحضانة.
وفر له تطور الانترنت فرصة لاستخدام تفوقه في مجال الرياضيات، لكن ذلك بدوره تسبب له بمشكلات.
اتهم عام 1995 مع صديق له بعشرات أنشطة القرصنة الاكترونية.
ورغم مهارة مجموعة قراصنة الانترنت في تعقب المحققين الذين يلاحقونها، إلا أنه ألقي القبض على اسانج وأقر بذنبه، دفع كفالة وبقي خارج السجن على شرط أن لا يكرر فعلته.
وأمضى بعد ذلك ثلاثة اعوام يعمل مع الأكاديمية سويليت دريفوس فيما كانت تبحث بالمجالات الناشئة للانترنت، وأعد معها كتاباً بات من الأكثر مبيعاً.
ووصفت دريفوس أسانج بأنه "باحث ماهر جداً" مهتم جداً بمفاهيم الأخلاق والعدالة، وما على الحكومات فعله وعدم فعله".
وأعقب ذلك دورة للرياضيات والفيزياء التحق بها في جامعة ملبورن، حيث بات عضواً بارزاً في مجتمع الرياضيات، وابتكر مسألة رياضيات مدروسة صنفها المعاصرون على انها ممتازة.
أطلق موقع ويكيليكس عام 2006، مع مجموعة من أصحاب أفكار مماثلة لأفكاره، مبتكراً "علبة رسائل ميتة" على الانترنت، كمشروع للتسريبات.
وقال أسانج لـ"بي بي سي" في وقت سابق من هذا العام: "بهدف إبقاء مصادرنا في أمان، كان علينا أن نوزع الأصول، ونشفر كل شيء، ننقل الاتصالات السلكية واللاسلكية وكذلك الأفراد حول العالم لتفعيل قوانين الحماية في دول تشريعاتها القضائية مختلفة".
وأضاف: "لقد أصبحنا بارعين في ذلك، ولم نفقد يوماً قضية أو مصدراً. إلا أنه لا يمكننا أن نتوقع أن يفهم الجميع الجهود الاستثنائية التي نبذلها".
وقال دانيال شميت، أحد الشركاء المؤسسين ، إن أسانج هو "واحد من قلة يهتمون حقا بالإصلاح الإيجابي في العالم، الى حد يجعلك ترغب بفعل أمر جذري قد يوقعك في خطأ، فقط من أجل فعل شيء يؤمنون به".
ونشرت ويكيليكس وثائق من بلدان مختلفة، لكنها لم تشغل عناوين الصحف إلا حتى أبريل/ نيسان، عندما أصدرت شريط فيديو التقطته مروحية أمريكية في العراق في 2007. وتسببت الصور التي نقلتها وسائل الإعلام بصدمة واسعة في العالم.
عندها، دخل أسانج إلى دائرة الضوء للدفاع عن شريط الفيديو، إضافة إلى نشر وثائق عسكرية أمريكية سرية عن حربي العراق وأفغانستان في يوليو/ حزيران ويوليو/تموز الماضيين.
ولكن مراسلين صحفيين يرون انه بإمكانه إثبات أن ما لديه بعيد المنال، وأن طريقة عمل موقعه على الانترنت لا تزال محاطة بالسرية.
من ويكيليكس إلى مذكرة التوقيف
وفي تحول آخر في مسيرته المهنية المثيرة للجدل، أصدر الادعاء السويدي مذكرة اعتقال دولية في حقه، بتهم تتعلق بالاغتصاب وبالتحرش الجنسي.
وبرزت التهم هذه بعدما زار أسانج السويد في أغسطس/ آب 2010، وهي تتعلق بامرأتين أقام علاقة معهما، يؤكد محاميه أنها مدبّرة.
ويقول اسانج إن التهم هذه تندرج في إطار حملة لتشويه سمعته على خلفية موقعه الالكتروني.
وأجري تحقيق في القضية، لكنه اسقط بعد أيام. ليعيد الادعاء السويدي ويفتح الملف في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، رفضت محكمة سويدية استئنافاً تقدم به أسانج ضد مذكرة اعتقاله. وتنظر المحكمة العليا حالياً في المسألة.
وبعد نشر موقع ويكيليكس آلاف البرقيات الدبلوماسية السرية الأمريكية، عرض وزير خارجية الإكوادور، وهي دولة على خلاف سياسي مع الولايات المتحدة، الإقامة الدائمة وغير المشروطة لأسانج.
لكن رئيس الاكوادور رافاييل كوريا قال في وقت لاحق إن العرض الذي تقدم به الوزير ريكاردو باتينو لم يؤكده الوزير نفسه ولا رئيس الجمهورية.