في الزقاق – قصة : أنس عبد الرحيم

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

أنفاسلم أكن أتوقع أنه سيغادر البيت بهذا الشكل المفاجئ ، و بهذه الطريقة الغامضة . . بمجرد أن توصلت بمكالمة شابها حزن ظاهر من لدن أخي ، هرعت مسرعا علّني أصل إلى المكان الذي افترضت أن يذهب إليه . كان الجو جد بارد . و الظلمة كثيفة إلى حد أنني وجدت صعوبة كبيرة ، في المشي على رصيف هذه المدينة الجميلة ، التي لم يمض على وصولي إليها سوى أيام عديدة  . و عند مفترق الزقاقين رأيت شابين متجهين نحوي . فكرت في أشياء كثيرة يمكن تحدث حين سيحاولان الإساءة إلى شخصي ، رغم أنني لا أميل إلى العنف ، و لا أعترف به كطريقة وحيدة لحل المشاكل و النزاعات ، سواء بين الأفراد أو الجماعات ، إلا أنني فكرت في تلك اللحظة في أسوء الأشياء ، التي يمكن تقع بين شخصين أو أكثر في ظروف كظروفي .

توقفا أمامي دون أن أحس من جهتي بأدنى حرج أو خوف يذكر . طلب مني الشاب الطويل القامة سيجارة . أخبرته أنني في حوزتي سيجارة واحدة سأدخنها في الحين . قال الشاب الثاني و يداه في جيبي سرواله القصير ( إذن سندخنها معا ) ، قالها بنوع من المرح الواضح ،  قلت (إنني في عجلة من أمري و ليس لدي الوقت الكافي للسهر معكما . ورائي هدف لابد من قضائه ).لكن مع إلحاحهما اضطررت لمجالستهما في إحدى زوايا الشارع العام في الزقاق المظلم نفسه ، المقابل لحانة شعبية ، كانت مازالت مفتوحة أبوابها .

 أخرجت السيجارة و قام الشاب الطويل صاحب (تجيكطة) الجلدية بإشعال عود الكبريت ، لأنفث منها نفسا عميقا ، رأيت في ضوئه وجه الشاب ، الذي لم يعكس لي تلك الملامح القاسية التي فكرت فيها قبل اجتماعي بهما هو و صاحبه ، الأمر الذي شجعني أن أثق فيهما ، و أمنح لهما ما تبقى من سيجارتي الوحيدة ، ليقوما بحشوها بمادة بيضاء كانت عندهما ، و يشرعا  بعد ذلك في تدخينها بالتناوب و بنشوة قل نظيرها .. في  البداية ، عندما كانا يلحان عليّ بأخذ و لو نفس واحدا كنت قد رفضت بكل قوة . لأنني لم أرد أن أزيد على مشكلة التدخين و الخمرة مشكلة أخرى أخطر و أعقد منهما ..و هي المخدر الأبيض .. لكن لم أقدر على التصدي لإغرائهما ، خاصة بعد أن أخرجا من حقيبة  كانت معهما مجموعة من علب خمرة "البيرة" الراقية . .و أنا لا يمكن أن أكون قريبا منها دون أن أحتضنها ..و ما بالك إذا كانت في جو من الاستضافة ..الكريمة التي عنيت بها في ليلة كهذه .
لم أذكر متى دخلت إلى المنزل محمولا على دراجة نارية ، لا أعلم من أين حصل عليها الشابان . كنت بين الموت و الحياة  في الصباح ، وجدت نفسي غارقا في نوم عميق إلى جوار أحد الشابين اللذين سهرت معهما . و لما استيقظت بشكل كلي،  و استفسرت عن الداعي إلى وجوده معي في بيتي ، هكذا دون علم مني ، قال أنه لم يرغب في أن يتركني أن أدخل إلى مسكني ، و أنا في تلك الحالة التي تجاوزت فيها حدود الثمالة القصوى . ( لهذا يمكن أن تكون في حاجة إلي ، ويجب أن تجدني إلى جوارك و بالقرب منك ..نحن السكارى لا يتخلى بعضنا عن البعض في أوقات الشدة ..مثل شدتك ..) قالها ضاحكا و بنوع من الاعتزاز ..
شكرته على هذه المروءة النادرة التي عاملني بها ، دون أن يعرفني معرفة دقيقة ، لأننا التقينا بالصدفة فقط ، في الشارع العام ... فاقترحت عليه أن يأخذ دوشا ساخنا . فقبل دون تردد . و دخلت بعده ، أنا أيضا ، إلى الحمام و أخذت كذلك دوشا جيدا . بعد ذلك ، خرجنا معا في جو جميل شمسه ساطعة ، و  وصلنا إلى مقهى أنيق ..، حيث جلسنا  إلى طاولة ، و طلبنا من النادل فطورا مكونا من الشاي و جبن و خبز كامل طري .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة