جذور الهم،،، ـ قصة : المصطفى المغربي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

abstraitبأي المحطات أضعنا مذكراتنا الصغيرة،و بدأنا زمنا بلا وهج كالخواء؟ متى انتعلنا رؤوسنا و سرنا معقوفين كالكراسي فجلسوا علينا؟
متى دق المسمار الصدئ في عقولنا فرأينا قلوبنا حديدا أسودا لا تصلح لغير الحزن؟
كيف و متى قدمنا استقالتنا و تركنا الآخرين يفكرون لنا و بنا، و انشغلنا بالكدح و النسل والحزن وانتظار موت رحيم؟
لماذا نقتل الطفل داخلنا عنوة؟
بحثت عن أجوبة في كثير من جذوري،تهت فيها منذ أن كان فقيه الحارة يقول لي و أنا الطالب الصغير عنده في الصباح: إن الله هو الذي أنزل المطر و خلق كل شيء، بينما يقول لي معلم المدرسة بعد الزوال أن المياه تتبخر و تثكاثف سحبا و تسقط مطرا، يومها تهت في المطر، ورحت أشكل سحب أحلام و عواصف أسئلة.


منذ أن قال لي الفقيه أيضا، أن ما من دابة إلا و رزقها على الله، بينما والدي الإنسان كما يقولون ، أمامي لارزق له سوى عرقه، و كثير من الصبر، و قليل من أنفة منكسرة، كأغلبية الجيران ، يومها كدت أسأل الفقيه : أين رزق والدي؟ ليشتري لي معطفا شتويا دافئا كمعطف ابن معلمنا ،الذي يأتي مع أبيه ويضربنا كما يفعل أبوه؟ لكنني خفت أن يضربني الفقيه،ويقول عني مسخوط، فيردد وراءه باقي الطلاب الصغار: يعذبه الله في جهنم، فأقضي أياما لا أحلم فيها سوى بالجن الأزرق و الثعابين و الظلمة و السقوط من ارتفاعات شاهقة، بعدما كنت أحلم بالجنيات الجميلات المجنحات بالفواكه، و بالطيور الملونة تحط على أكتافي مثل ذلك البهلول الذي كان يطوف أزقة المدينة وعلى رأسه و كتفيه يحط سرب حمام صغير و الناس تعطيه النقود، و أحلم بابنة الفقيه الجميلة جدا و التي كانت تزور أباها كثيرا لأغراض خاصة و أحيانا تأتي فقط لتصحبه إلى بيتهم ممسكة بإحدى يديه ،كنا نقول أنها ليست ابنته ،زوجته عاقر، هكذا أيضا كانت أمي الشغوفة بسماع الأخبار تتحاذث مع جارتنا الشمطاء،لم يكن نسبها يعنيني ، كنت أراها جميلة جدا و كفى ،مثلي مثل الآخرين، لكنهم لم يكونوا حلموا بها ، ربما فعلوا و لم يحكوا، فأنا أيضا لم أحك لأحد حتى اليوم،كنت أراها تركض دوما و تضحك و تقول لي الحق بي و لا أتمكن أبدا، كانت أكبر مني و أسرع مني، و كنت الطفل المدلل الذي يخاف كثيرا من الله و المعلم والمرأة و الثعابين و يهوى قصص والده البطولية،
من البداية كنت أركض من الخلف دائما ، وراء الحكايا، وراء المطر ولا يطالني سوى وحله ،من البداية رأيت كل شيء يهرب كالريح،من البداية كانوا يقتلون أحلامي الجميلة واحدا واحدا، من البداية كانت القسمة مختلة،
كان إله اللصوص واحدا، قسم الأرزاق بينهم من البداية، و ترك فائضا كبيرا له و لحراسه ، ليؤبدوا عبوديتنا ، هكذا قالها مجنون لبني قومي ، ثم قال لهم دثروني ، لم يدثروه،بل قتلوه، الخبر كان انتشر في القبائل، لكنها باعته اتقاء شر الجوع و الموت، بعد ذلك انتشر في الأسواق و قرأ خطباء الجمعة الأولى التي تلت الأحدات أنه كان مجنونا و مارقا و مرضا معديا قد يصيب نساء القبائل فتلد شبهه، هكذا صرحت إذاعة المدينة أيضا، بتر الورم و عاد الجسد لكسله، و استمرت القبائل تصلي و تصوم، وتغير على بعضها وتنتظر موتا رحيما،
متى يأتي المجنون الأخير ؟ الذي يقول أنه لم تكن هناك قسمة أبدا، و أن كل شيء تمت سرقته نهارا حين كنا نركع و نصلي.
لعله يأتي من هذا المخاض المترنح في الشوارع، فينهض الطفل فينا ليعيدنا للبداية، فنسير هذه المرة إلى موتنا الجميل بعد حياة أجمل......... 
10/08/2011
عجزت على تحديد جنس هذا النص ضمن اختيارات الموقع،،،هو نص وكفى،،و ما إرسالي له إلى فضاء القصة القصيرة سوى بسبب ذاك العجز،،
المصطفى المغربي

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة