بعيداعن كل مبررات الأزمة التي يجتهد المثقفون في إخفائها أو شرعنتها بالاتكاء على مقولات فاضحة , يمكن الجزم بأن الاحساس بالأزمة أضحى في حد ذاته نشوة ومتعة , ومطلبا لتحقيق المماهاة مع الأدوار الجديدة للمثقف..
وقف طويلا خارج أبنية السلطة..وخارج المجتمع !..متقلدا عصا الحكيم ,وملوحا برزنامةالقيم لصد موجات تحديثية تهدد سلطانه !..واجتهد في تشكيل ذهنية المواجهة لدى المتلقي بحديثه عن الغزو الفكري , وإلباس نمط التواصل المفترض مع الآخر المغاير لبوس الصراع العسكري المحض !
لكن فوقية وهيمنة الآخر كشفت عجز المثقف العربي عن تحديث وتطوير آليات المواجهة بما يضمن للخصوصية موقعا ,ويحفظ للمحلي بهاءه أمام الكوني الذي لا يعدو أن يكون مقابلا للغربي المتفوق و النرجسي ! فاندفع بشهية ماكرة لتلوين المستورد , و الحديث عن انفتاح – غير محسوب العواقب- على العالم الحر , وضرورة استعارة القوالب الفكرية الجاهزة التي تغني عن تعب النهوض محليا ,وتسد الفجوة النفسية أولا , و الزمنية ثانيا ,و تحقق نصرا بالبريد!!
تملص المثقف إذن من دوره كموجه وناقد و ربان ,واكتفى بالاندماج في مؤسسات الدولة , و القبول بدور الشريك في سلطة كانت بالأمس القريب خصما حيويا, للإحساس بالتوازن ,وتحصيل المكاسب الدنيئة التي تنهض كل ثقافة على رفضها ,وينبني كل فكر إنساني على مجاوزتها .
يؤهلنا هذا الجزم لفهم سلوك المثقف الحالي ,و يبصرنا بالمرجعية المتحكمة في المنتوج الثقافي خلال العقد الأخير ,ويدفعنا للتوجس من استفحال الورم ,و انقياد الفكر للقيم المهربة !
انحشر الفن في مستودع الذاتية ,و صارت الترجمة بديلا عن استنبات آليات فكرحر يستوفي شروط الندية ,و اكتفى الإبداع " الحداثي" بمرواغة الدلالة فرارا من القمع !
أما المثقف فأبى إلا أن يطيل سباته بمسميات شتى , لعل أبلغها فجيعة لافتة :
".... استراحة محارب..!! "
حميد بن خيبش
الحسيمة
".... استراحة محارب..!! "
حميد بن خيبش
الحسيمة