قرأتُ على حبنا الفاتحة - شعر: إبراهيم أمين الزرزموني

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
( الحل )
أصبحتْ كلُّ حياتي مياهاً مالحهْ
مرُّ العَلْقمِ في صَدري
ُيْطعمُني ذلَّ الخيانةِ الفائحهْ
فأستسلمُ للموتِ طلباً للراحةِ
أتكوّمُ داخلَ رحمِ الأحزانِ الكالحهْ
أجترُّ ذكرياتِ الخيانةِ
أدفنُكِ ، يا حقيرةُ ، وأنتِ على قيد الحياةِ
وأقرأُ على حبِّنا الفاتحهْ!

(التفاصيل )
( 1 )
كانَ نشيدي الدائمُ خُذيني إليكِ
وكانَ حُبِّي كحُبِّ الأطفالِ للطائراتِ الورقيهْ
ويُشْبهُ حبَّهم للعصافيرِ
وللغزلانِ
والأرانبِ البرِّيَّةْ
ولصدرِ الأُمِ في الليالي الشِّتويهْ
كنتُ أُحرِقُ قلبي تحتَ وهجِ حبِّكِ
أمتصُّ أحزانَكِ وأبلعُ آلامَكِ
وأنتظرُكِ دونَ أملٍ في اللقاءْ
فكيفَ تأتي الأسماكُ إليكِ وأنتِ صحراءُ جرداءْ؟
وخيانةٌ نابعةٌ مِنْ ذاتي
وسهمٌ مسمومٌ ينامُ بقلبي
ويخنقُ في رئتيَّ الرجاءْ
آهٍ يا سيدةَ الشقاءْ
آهٍ يا سيدةَ الشقاءْ
يا امرأةً لا تجيءُ إلا مِنَ الخطيئةْ
لا تنبتُ إلا مِنْ وهجِ العصيانْ
ويا سيدةً خُلقتْ مِنْ بئرِ العارِ
وصِيغتْ مِنْ كُلِّ قذاراتِ الأكوانْ
قُولي باللهِ عليكِ :
أأنتِ امرأةٌ ، أمْ ثُعبانْ ؟
أأنتِ ملاكٌ ، أمْ شيطانْ ؟
أأنتِ الكفرُ ، أمِ الإيمانْ ؟
أأنتِ الصِّدقُ ، أمِ البُهتانْ ؟
أمْ موتٌ جاءَ لقلبي كالطوفانْ ؟
أمْ سُمٌ يسري في جسدي سريانَ دمائي في الشُّريانْ ؟
أيُقابَلُ ، يا سيدتي هذا الحبُّ
وهذا الفيضُ النُّورانيُّ مِنَ الأشواقِ
بهذا الحقدِ
وهذي النارِ
وهذا النُّكرانْ ؟
ويقابلُ سَيْلُ العشقِِ بهذا السَّدِّ مِنَ النِّسيانْ ؟
وهلْ يبقى بعدَ ضياعِ الحُبِّ
وبعدَ رحيلِ الشَّوقِ
أيةُ آثارٍ للإنسانْ ؟
آهٍ يا امرأةً تنخرُ حتى العظمِ
وتقطعُ بسكاكينِ الغدرِ كلَّ أيادي الإحسانْ
يا مَنْ خنقتْ أزهاريَ الجميلةْ
وقتلتْ أشجارَ الرُّمَّانْ
وذبحتْ طيرَ الحُبِّ صغيرا
ورجمتْ نورَ الفجرِ بريئا
وغرقتْ في دُنيا الوهمِ بلا عنوانْ
وباعتْ هذا الحلمَ رخيصاً
وطردتْ كُلَّ عصافيرِ البُستانْ
وجعلتني صديقاً للسَّهَرِ
وصديقاً للسَّفَرِ
فقتلتُ طموحي
وصالحتُ مواجعي
وصادقتُ الأحزانْ

 ( 2 )
كنتُ أحلمُ أنْ تفهمي حُزْني !
فالحزنُ ، يا سيدَتي خيرُ الأصدقاءْ
فأنا بأمرِ أحزانيَ الطَّيبةِ
كُنتُ أُعِدُّ لكِ فنجانَ القهوةِ
وأقدمُ لعينيكِ دعوةً للعشاءْ
وأُطرِّزُ مِنْ أعصابي
وأُفصِّلُ مِنْ أهدابي
كَنزةً صوفيةً تحميكِ مِنْ بردِ الشِّتاءْ
وأَجمعُ مِنَ النُّجومِ شَريطاً تربطينَ بهِ شَعرَكِ الذَّهبيَّ
عندما يأتي المساءْ
لكنكِ كُنتِ تسلطينَ عليَّ كلَّ أفاعي المرأةْ
وتصُبِّينَ فوقَ رأسي ميراثكِ مِنَ الخرافةِ والحقدْ
وتقفينَ في وجهِ طموحي كالماردِ
حتَّى صارَ حُزني مُحيطاً بلا شواطئْ
سماواتٍ بلا حُدودْ
أفلاكاً تسبحُ بغيرِ انتهاءْ
ناراً تشتعلُ بغيرِ انطفاءْ
وأُغنيةً بلا معنى 
تُحطِّمُ داخلي تاجَ الكبرياءْ
وتُلْبسُني رداءَ الخيبةِ والتراجعْ
وتطفئ في عينيَّ كُلَّ مصابيحِ الضياءْ
وتَدعو النادباتِ إلى صدري
فأُنشدُ دائماً أُغنيةَ الهاويةْ
وأَكتبُ دائماً قصيدةَ العزاءْ

( 3 )
كُنتُ أحلمُ أن تُعامليني كقدِّيسٍ
وأنْ تعيشي في مُعاناةِ حُلمي
وأنْ تعتبري نفسَكِ أميرةَ أشعاري
وبَسْـمةَ أقداري
وزهري ونَوَّاري
لكنكِ كُنتِ هامشيةً كَمُعظمِ النِّساءْ
سطحيةً كمعظمِ النِّساءْ
أنـانيةً كمعظمِ النِّساءْ
ولمْ تستطيعي أبداً أنْ تتفهَّمي ما هو حُزنُ الشعراءْ ؟
ولمْ تقدري أبداً أنَّ الشاعرَ رُوْحٌ
لا يُعامَلُ كما يُعامَلُ البُلَهَاءْ
أردتِ أنْ تُعامليني كأي صاحبِ مهنةٍ لا يُحسُّ الحُبَّ إلا في السَّريرْ
ولا يَعرفُ مِنَ المرأةِ إلا شَبَقَ الشَّهوةْ
وعَرَقَ الغَرَقِ بِنَوْمِ الصَّحوةْ
وأنا شاعرٌ أُفَصِّلُ كلماتي مِنْ دمي
وأعيشُ عُمري بالحُبِّ وبالوفَاءْ

( النهاية)
لَمَّا قتلتِ بيديكِ هذهِ الأزهارْ
ولَمَّا خنقتِ بيديكِ نُورَ النَّهارْ
صرتُ أنتمي إليكِ كما تنتمي القطةُ إلى فصائلِ الخيارْ
واستأصلتُ حُبَّكِ كما استأصلتُ اللوزتينِ في الصِّغَرْ
سيدَتي ،
انتهتْ سيرةُ الغدرِ
وأُسْدِلَ على حُبِّنا السِّتارْ

( استدراك أخير )
انتظرتُ ربيعَكِ طويلاً ولمْ يأتِ
فالحياةُ مريرهْ
ونسيتِ، يا امرأةً زرعتِ المُرَّ في صدري
وسقتني ماءَ الضياعْ
نسيتِ أني صنعتُ عِزَّكِ
وبنيتُ مجدَكِ
لترتفعي إلى عوالمِ النُّورِ المُثيرهْ
وشققت صدرَكِ
ورميتُ منه آثارَ أحقادٍ عسيرهْ
وسلَّمْتُكِ القلبَ المُعَنَّى
لتَخُطي بأناملِ الغلِّ مصيرهْ
ورفعتُ رُوحَكِ مِنْ قُيودِ الذُّلِ لتكوني أميرهْ
لكنَّ مَنْ وُلِدَتْ حقيرهْ
ستظلُّ طولَ العُمْرِ
ستظلُّ طولَ العُمْرِ
     في عيني حقيرهْ

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟