إسترحْ في قبركَ الآنْ
أيُّها الملاكُ المعذّبُ بلون ِنسوةِ بابلْ
فأنا في شهوةٍ لِهجاءِ هذا العالمَ الداعرَ
والمصابَ بالسِفلسْ بالنيابةِ عنكَ
بكلِّ ما فيهِ من أشباهِ رجالْ
وأولادِ كلابٍ وزناةٍ بالروح وبالجسدْ
وبغايا تقايضُ بنا في ساعةِ الحربْ
بعد كلِّ القصائدِ الساذجَةِ
والبريئةِ التي كتبتُها عن الحُبِّ والأوتوبيا
والمنقوعةِ بدمعٍ لامرئيٍّ وبأنفاسِ النساءْ
المنقوعةِ بدمعِ طفولةِ الصيفْ
لا تحزنْ يا سيّدي جان دمو
وإسترحْ في قبركَ المفروشِ
برائحةِ الصفصافِ البريِّ
فقصائدك وقصائدي ضاعتْ
وحبيبتكَ بغدادُ ضاعتْ
في زمنٍ ضاعَ فيه كلُّ شيءْ
حتى الضياع نفسُهُ / حتى هولاكو نفسُه ضاعْ
آسفٌ أنا على كلِّ حرفٍ كتبتهُ...
كان نسمةَ صيفٍ وشهقةَ أقاحٍ وسوسنْ
ولم يكن نارَ طوفانٍ هادرةٍ
فليسَ هذا العهدُ الذي قطعتهُ لكَ وللسّيابِ
ولأمل دنقلْ ولنفسي
إنَّ بي رغبةً لإحراقِِ العالمِ بعود ثقابْ
لآخذ بالثأر لك من سنينِ التشردِّ والحرمانْ
آسفٌ أيها اللازوَردُ العراقيُّ الجميلْ
ويا ماءَ النيلِ المعذَّبِ
سوف أُلقي إليكَ بوجهي عمَّا قليلْ
آه يا سيّدي الشاعرْ
أحلمُ أنا بقصيدةِ هجاءٍ واحدةٍ
كانت على حافةِ لسانكَ وفي بريَّة روحي
ولم تقُلْها طيلةَ عمركَ الموزّع ِفي أبدِ الريحْ
قصيدةِ هجاءٍ واحدةٍ
بدلَ ألفِ قصيدةٍ كتبتها في مديحِ الحبِّ الكاذبْ
ونسيتُ إحراقَها في إِتون إمرأة
وفي النهاية سأختاركَ
قبل إختيارِ محمود درويش ومثاليَّة الحُبِّ والحياة
في النهايةِ الموجعةِ كحياتكَ
كالمآسي الإغريقية... سأختاركَ
قبل إختيار سرفانتس وشكسبير ودانتي وغيرهم
آهِ يا جان دمو .....كان أبناءُ اولمبَ المدلَّلونَ
يَركلونَ سيزيفَ من الخلفْ
وهم يتضاحكونَ من مشيتهِ المتثاقلة
سيزيفُ أبن الكلبْ لا لشيءٍ سوى أنهُ طيبُّ القلبْ
بينما الجَّلادُ في الجانبِ الآخرْ
يخاطبُ السجناءَ قائلاً:
أيُّها العاشقونَ لأسطورةٍ سخيفةٍ باليةٍ تُدعى الحرَّية
أنسوا كلَّ الأفكارِ الحجرَّية في رؤوسكمْ
وأمحوا كلَّ العواطفِ النبيلة من قواميسكم المهترئة
فإنكم لستم في مشفىً هنا
والذي يخالفُ التعاليم سيُجلدُ حتى الموتْ
او يُقدَّمُ لكلابِ جلجامشَ الضارية كالنارْ
كان صوتُ الجلادِ الخشنْ يُجلجلُ في أغوار روحي
بينما أفكرُّ في كتابِ "المدينة الفاضلة" لأفلاطون
وكتابِ "الأوتوبيا" للدوس هسكلي
وأنظرُ دامعَ الروحْ إلى شعراءٍ يأكلونَ وجباتٍ بطيئةً
من سياطِ النار في معتقلاتِ الحُرِّية
سأختارُ جان دمو في زمنِ الرعبْ