جدائلكِ الشقراء – شعر : علاء الغرباوي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
عيناكِ
وأزاهير طفولتنا
وجدائلكِ الشقراء ..
باكيتي !!
لماذا تطرقيني وقد مضيتُ
ألتمس نخوة  ريحٍ توصدني
لكن المطارق عادت تغمد مساميرها
في كل أرجاء متني ..
تمن علي النوائب  بالطلاء فأجفل من لونٍ
ليس لوني ..
كل المارين عبري كشفوا مساترهم بطرقي
وتركوا أصابعهم
مدامعهم ..
معاطفهم ..
أكعاب بنادقهم
حتى .. هزائمهم
فأشبعتُ طرقاً وأترعت  بالضوضاء
عُبأت وذُبحت وعُتقت
تعبت  من إمتلائي ..
إندلقت بحوري تهدم أسواري
 حوصرت بصخورقسوتي
ماجت  وجعاً يزمجر
في دمائي ..
فكلما تفتقت بيلسانة فوق غصوني
ينكرها لحائي ..
وأمتصصت عن عمدٍ الماء الآسن كيما
أفقد بهائي ..
تسلقتُ سلمي المحترق وأطفأت
كل نجمة في سمائي !!
سممتُ زهوري وقد سقيتها
بماءٍ ليس مائي ..
خانتني الحياة إذ أعش يا ملاكي
بمرسوم أعدائي ..
حفرتُ خنادقي وتربصت بكل
خصوم كبريائي ..
خانتني عظامي , ثملت الخائنة
رشفت كأس دائي ..
فلماذا أتيتِ بملامحي ومذابحي
فرحاً يطل من  بكائي ..

حين طارت الحمائم من يديكِ
حامت حول كفي تلتمس الحنان ..
بسملت  يدي من نوح الحمائم في الأنامل
أخمدت حرائقها ,
مُدت ترمم أعشاشها بين أنقاض الأصابع
أطبقت فرحاً تشعل حرائقها الجديدة
في المسام ..
كيف باكيتي أزهر في الحرائق
وقد عُتِقت حطباً في كل المواقد ؟؟

مد إلى الحب زهوره
أربكني حضوره إذ واعدتُ أشباح العيش
لمبارزةٍ أخيرة فوق درجات المقاصل ..
توضأت بالياسمين وأشهرت كل
أحزان السنابل ..
فأميركِ  الصغير كثر أعدائه
ولا يدري من يقاتل ..
طفت الوجوه على الوجوه
وإختلط الحابل بالنابل ..

ثلاثون سنة شهقت وسقطت في الذهول
فكيف أورق  في قبضة الذبول
وكيف الرمضاء تنذر بالهطول
وعيناكِ تمدان أزاهير طفولتنا
إذ أخطو ساخراً  نحو الغسق ..
أنصب كمائني للخوف المقبل
على صهوة القلق ..
أغوي عمري كي لا يجزع
من زحفنا في نفق ..
أضع بندقيتي بين عيني  كي
لا أخسر السبق !!
فحياتي كما ترين ليست
سوى .. لعبة ورق !!

كيف أتيتِ من الفصول المهجورة 
كي نرفرف قليلاً في البيلسان
بأجنحتنا المبتورة ..
لماذا تأخذيني إلى الطفولة وقد
تُبلت بالذنوب ..
أطعمت أشباح المقاصل قلبي
كي لا أتوب ..
أطفأتُ شموسي كي أوائم كل
هذا الغروب ..
علمتني الخيانات كيف أقسو مثلما
يقسو الكبار ..
كيف أطفو
كيف أرسو
كيف أراوغ مد العيش
وجزر العيش ,
وأخادع  التيار !!
لماذا !!
لماذا !!
قد أمنت بخرافتي كي  أجفو
وقد أخبو
وقد أقسو
وقد أنجو من قلبي المهذار ..
لماذا تمخرين بي بقاربٍ مثقوب
صوب عوالم الصغار ..
ألا تعرفين أن نوح الحمائم في الأنامل
يرجع ملامحي
والزهور كل مذابحي ..
وأنتِ كل البراءة التي ستهزني
فأساقط  ولا أجد من يلمني
أو يحنو ويضمني ..
كيف تطهرني إذ أخطو في الغسق
أطفو .. لأمعن في الغرق
ولا طفو
ولا ..
لا غرق !!
بل فصول ترمق ذبولها
في حيرة
وحسرة
وقلق ..

إرجعي إلى الطفولة
لم أزل أحمل أزاهيرنا
لم أخلف موعدي
ولم تخلفه الكستناء ..
لم يزل علي بابا هناك
الأربعون حرامي ..
لم تزل ضيعتنا في قلب جدتنا
وحروفنا في دفتر الإملاء ..
وحكايات خالتنا قرب الموقد
المولع بالشتاء ..
إرجعي ..
ثلاثون عاماً لا تكفي
كي أنسى جدائلكِ الشقراء ..


تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟