الليل يتصرّف كمجنون – شعر : محمد عريقات

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
الليل يتصرّف كمجنون
 وأنا أحبـّكِ بتوحشِ غابة
 أتصيدُ وجهكِ دونَ جدوى
والأماني بعيدة كشحمةِ أذني ...
حيثُ الخيبة تسودُ التفاصيل 
والأمل ملقى في خزانةِ الأحذية .

حضوركِ من يستطيع إصلاح روحي من الفقر،
روحكِ الغنية بالقمح ، المكتنزة
بالطمأنينةِ والأصدقاء ...
كل الأوقات المتدحرجة أمامي كحجر نـَرد
الأيام المتقافِزة كجندب مريض 
تسعى إليكِ كلَّ نـَفس برِهانٍ أقلّ
 تعود بدمي من مزاريبِ المقاصِلِ باردَة ً كالوفاة ...
قلبي المهشـَّم كزجاج نافِذة جرَّني إليه
بعكـّازِهِ المعقوف كشيطانٍ مازح 
الرصيف المعقود بقدمي كـَرَسن ،
سحبني إلى سلـّةِ الإنكسارات ،
ومن الباب الذي استيقظ بوخزةِ المفتاح
أطلـّت غرفتي على عدم مجيئك ...
من أفزع الحساسين في خواء ليلي ؟
وشتت مسامعي الموثوقة منذ أمـَد بوتدِ كلبٍ ميـِّت ؟
وأنا العامِرُ بخرابي 
المعتِمُ كقبرٍ خلفَ جرحٍ مضيء كشجرةِ برتقال 
غيرَ هاجِسٍ ما أفشى بقربِكِ
وانسحابكِ المحفور في الهواء
من الخطوةِ الأخيرةِ نحوَ جرسِ البيت ...
2
أقلـّدُ الهواء
 يزوركِ رغمَ النافِذة المغلقة كصندوق 
المشرعة إذا ما الرغيف جاعَ لفـَمٍ مطبق 
أتفلـّتُ من لعنةِ الصلصال وأفشل ...
الندم يلتف حولي ، كأفعى في صحنِ قش 
والنصل الذي يعبـُرني سبقتهُ السلحفاة
إلى آخِرِ الطريق ..
 منتزعاً كل شيء أرهقَ حواسك ،
وشـَغفي بالكحول لم يـُمس بأذى ...
ثمة دموع دبقة تتربـَّصُ خلف حنجـُرتي 
تنتظِرُ الدَلـَفَ الرتيب من الذاكِرة
 والفرح في القبو السحيق يتعتق ! ...
حيثُ عيني تتشرَّبُ العتمة جرعات 
كانَ السرير ينهرني بذراعِ وحش  والأشياء
تمارسُ من حولي وظيفتها بذاكرةٍ مسبقة ،
 كما لو أننا نسيرُ إلى الأعماق
بيدينِ متشابكتين كشجرٍ متوحش ...
3
النبضُ المتشنـِّجُ يضرِبُ بقبضتيه صدري 
كَسَرَ رتاجَ الروح وانرشقَ على الزجاج
حالما غلـَّقتِ النوافِذِ وقالت : لستُ لكْ ...
البلادة تتخطى الفاجِعة  
والصبر بدعة مكتوفة للخراب 
أهبِط ُ عن فوّهةٍ تلوَ أخرى
والمرارة لغمٌ في حلقي المنذور
بتصاعدِ أحرفكِ الأولى ...
قلق ٌ كرقـّاصِ الساعة ،
وكبرميلٍ فارغ أتدفـّقُ بالوحشةِ 
عالِقٌ في شوكِ رحيلكِ
كالعهنِ المبلول أتتبـّعُ أجـَلي ...
حياتي النافِرة عن السياقِ المفترض
تحيلُ يومي إلى مرابٍ حاذِق ،
وتحيلني إلى فريسةِ حانِقة
لولا أنـّي ألوي عـُنـُقها بالكحول وأخدِشُ صقلها بقلمٍ عابث
أقفِزُ عنها وأتركها علبة فارِغة لقططِ التنقيب ،
وبإبتذال أستحلفُ الكون بغمّازنيكِ 
أن يهدأ ...
4
بصلابةِ الورقِ المقوّى أقاومُ غيابكِ 
حينَ الجثث تسرّبت لبيوتها
أدركتُ أنـَّـكِ أكثرَ من ميـِّتة ،
والخذلان كما ترغبين يظللُ نافِذتي باعتياد ...
وبعينٍ مغمضة وأخرى تدس نظرتها عبرَ سمِّ الخياط
أراقِبُ العالم يضحكُ بشدقي حمار من مسرّتي الخامجة ،
وفكرة الإنتحار بأدوات مطبخكِ الأنيق
تسرّبت نحو مساماتي الفاغِرة
لولا وصول سيـّارةِ الإسعاف ،
وكشجرِ المقبرة راحَ ينمو غنائي أشعثاً وكئيباً
من بقيـّةِ حياة غافلتِ الموت لتظلل الشواهِد
ببهجةٍ كاسِدة .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟