"إليخيدو.."* - شعر : محمد حسون العكاري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
لمّا غوانا جحيم الرّحيل..
حرقنا بجنون بطاقة الهوية..
كي نصير مثل الرّياح ..
لا بلاد لها !!

كان الطّموح
جوادا نيزكيّ الجنوح والجموح..
وكان الحلم كونا فسيحا
مستفاض الخيال..
والمدى عوسج للأمنيات
التي طارت
كفراش طليق في حقول الرّبيع.

لمّا حللنا بلاد الشّقر
كنّا كمن أتى
من العالم البعيد جدّا..
لبسنا بردة الغربة المرّة
ثمّ تجرّعنا من القطران
الكأس..
والجوع خلّ مخلص ووديع !!!

جنحت عن سربنا التائه في همّه..
وسحت كالحرّ في سماء " أندلس "
جلت بقاعا أطوف كالمهوّس..
صادفت أماكن سمراء كجلدي..
وأوجها كوجهي عربيّة الملامح..
غبراء..
تعجّبت برهة..
ولكنّني صحوت من سكرتي
على نواقيس
دقّت في سراديب ذهني.

انتبهت..
وجدتني أمام شموخ الصومعه !!!
هالني الحال..
ولكنّني سرعان ما رمت نفسي..
جملتي..
وكذا كينونتي كلّها..
أخرجها من أتون الزوبعه !!!

كنت هنا.. ذات عهد..
كنت في ذي الربوع
قد تربّعت عرش المجد في عزّة
وها أنا كقنّ الأرض..
يجني ثمارها لسيّدها..
كي يستعاد نشيد البؤس
من بين أسياج الونى
مرّة أخرى..
على نغمة " السّامبا"
وإيقاع " كرنفالها "
في خفوت.

كان مساء " إليخيدو"
وقودا لعنفواننا..
ونهارها
رديف الضّنا..
والكوخ سجن..
وحمرة الطماطم
من دمي المراق عليها باغتيال..
ومن جرح الأنامل هذه..
ومن نزف هذا القلب لمّا عرته
طعنة الاغتراب.
أمّا ندى العشب والحقل،
فمن عرق الأجساد
حين عياها الكدح..
أو من دموعنا التي أذرفت
ــ كرها ــ
على لحن ذكرى مجدنا الغابر.
 
.................
 * * مدينة إسبانية في الأندلس.. يقصدها المهاجرون للعمل في مزارعها .. عرفت أحداثا عنصرية خطيرة ضدّهم

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟