رؤيا في النصف الفارغ/تأويل في النصف الملآن – شعر : رياض بوحجيلة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

رؤيا في النصف الفارغ من كأس الغيب/
حَقْلٌ
وَ تَشمَخُ فِيهِ بَعضُ سَنَابلٍ يَبسَتْ
عُيونُ صَبيَّةٍ
مِلْءَ المَدَى تَبكِي
غُلامٌ طَاعِنٌ فِي الصَّبْرِ يَلْتحِفُ الدُّعَاءْ

جُبٌّ
عَلَى أَوْجاعِهِ خَتَمَتْ خُيُوطُ العَنْكبُوتِ
و أَعْرضَتِ  المَسَالكُ عَنْ مُلُوحَتِهِ
غُرَابٌ أَسوَدُ الأحْلامِ

يَزْرعُ فِي عُيُونِ الجُبِّ أَعْشَاشًا
يَبِيضُ
فَتفْقسُ الأحْقادُ أَغْرِبَةً
تَضِيقُ الأرْضُ عَنهَا و السَّمَاءْ

جُبٌّ
و شَعبٌ كَاملٌ فِي الجُبِّ
مَا مَلَّ انتِظَارَ الدَّلْوِ
مَرَّتْ أَلفُ قَافِلةٍ و لَمْ تُلْقِ الدِّلاءْ
و الجُوعُ قَدَّ قَمِيصَ نَخوَتهِ
لا !!!
الجُوعُ مَا قَدَّ القَميصَ
و إِنَّمَا قَدْ قَدَّهُ جُبْنُ الجِياعِ الخَانِعينَ
و فِتْيَةٍ عَنْ أَلفِ ثَأرٍ قَاعدِينَ
قَدِ استَطَابُوا النَّومَ فِي ظِلِّ الأمَانِي و الغِنَاءْ

و قَطِيعُ أَبقَارٍ عِجَافٍ
إِثْرَهَا أَلْفٌ عِجَافٌ..
خَانَهَا عُشْبٌ و مَاءْ
تَخمَتْ ذِئَابُ الحَيِّ مِنْ لَحمِ القَطيعِ
و لَمْ يُعَلَّقْ فِي الرِّمَاحِ قَميصُ حَقٍّ أَو رِيَاءْ

طَلَلٌ
و فَوْقهُ شَاعرٌ
يَجْتَرُّ نَكْبَةَ قَومِهِ مُتَغَنِّيًا بِالخَيْلِ و البَيدَاءْ
و شُوَيْعِرٌ يَهْذِي
بِنَهدٍ نَافرٍ/طَرْفٍ كَحِيلٍ/غُصْنِ بَانٍ يَنْثنِي غَنَجًا..
و شَعْرُورٌ
بِأضْغاثِ الحَدَاثةِ بَاتَ يَهذِي
يُعَزِّي بَعْضهُ بَعْضًا بِجَهلِ السَّامِعينَ
و نَكبَةِ الشُّعرَاءِ في الزَّمَنِ الخَوَاءْ

صَنَمٌ
و أَعْنَاقٌ تُنَكَّسُ دُونَهُ
يَتَصَارَعُ الإذْعَانُ فِيهَا و الإبَاءْ

قَبْرٌ
و مِشْنقَةٌ تُغَازِلُ كُلَّ عُنْقٍ
قَدْ تُفكِّرُ في مُعَانَقةِ السَّمَاءْ

غَيْمٌ
يُحَاصِرُ أُفْقَ مِئذَنةٍ
و قَدْ بُحَّتْ حَنَاجِرُهَا و ما انقَطَعَ النِّدَاءْ

/تأويل في النصف الملآن

سَيَكونُ لَيْلٌ دَامِسٌ في أَرضِ يَعْرُبَ أَلْفَ ذُلٍّ أو يَزِيدْ
سَيكُونُ لَيْلا أَسوَدَ الأقْمَارِ
يَعْبثُ في رُؤَى الجَوْعَى
فَيُطعِمَهمْ ثِمَارَ العِزَّةِ القَعْسَاءِ
يَسقِيهمْ خُمُورَ الفَخْرِ بالأجْدادِ و المَجْدِ التَّلِيدْ
وتَتُوهُ أَنْجُمُهُ..
و لا رَاعٍ لِيُورِدَهَا مَخابِئَهَا و يُخْلِي الأفْقَ لِلفَجرِ الجَدِيدْ   

يَتَنافَسُ الفُقهَاءُ في جَلْدِ السُّكَارَى
-من نَبيذِ العِزَّةِ القَعسَاءِ و المَجدِ التَّليدِ-  عَلَى
المَنَابِرِ بالمَوَاعظِ في التَّصبُّرِ
و التَّعفُّفِ و القَناعَةِ بالمَقادِرِ
في جَزاءِ الصَّابِرينَ
و جَنَّةِ المُستَضعفِينَ المُعدَمينَ
و يُحْكِمُ الدِّينارُ تَكمِيمَ اللّحَى
عنْ وَصفِ ما يَلقَى المُجاهِدُ و الشَّهِيدْ
و تُدَبَّجُ الخُطَبُ الطَّويلَةُ عن وَلِيِّ الأمْرِ
عنْ حُكمِ الكِلابِ الخَارجِينَ
و ما أُعِدَّ لَهمْ مِنَ الخِزيِ المُحتَّمِ و الوَعِيدْ

الخَوفُ يَغْدُو سَقفَ أَفئِدةٍ
فَيحْجِب عن مَرَاياهَا شُعَاعَ الحَقِّ يَلمَعُ في البَعِيدْ
..


و يَوْمًا..
سَيُشرِقُ ذَاكَ الغُلامُ عَلَى ظُلمَةِ الجُبِّ
يَغفُو على حَافَّةِ المَوتِ إِلا قَليلاً
يُدَثِّرُهٌ الحُزنُ و القَهرُ
يَكْحلُ بالدَّمعِ جَفْنَيهِ
حَتَّى إِذَا مِنْ أَسىً بَلغَ الفِطْمَ 
قَامَ يُعَفِّرُ بالطِّينِ وَجْهَ الزَّمانِ الظَّلومِ
و يَخْضِبُ بالدَّمِّ صَدْرَ العِدَا

و يَحثُو التُّرابَ على
أَرْؤسِ العَاكِفينَ على الذُّلِ
يَهدمُ أَصنَامَ خَوفٍ بَنوهَا
فَصَارتْ لأَروَاحهمْ مَعبَدَا
و يُوقدُ في أَنفسِ الخَائِفينَ العَزِيمةَ
يَضرِبُ لِلحقِّ في رُوحِهمْ مَوعِدَا


يَشقُّ حِجابَ اللَّيالِي
و يَقرعُ نَاقُوسَ ثَأرٍ قَديمٍ
تَردُّ عَليهِ أُلُوفُ نَواقِيسهمْ بِالصَّدَى

سَيَقْطِفُ من أَعينِ الشَّمسِ فَجرًا
لِيسرِجَ لِلمتعَبينَ الجِهَاتَ
و يُسكبَ للظَّامِئينَ المَدَى
سَيخلَعُ قُضبَانَ كُلِّ الزَنازِنِ
مِنهَا يَمدُّ جَسورًا تَردُّ النِهايَةَ للمُبتَدَا

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟