أمُرُّ بِحَانٍ "بسَانِ مِشَالْ"
فَأدخُلُ أشرَبُ حَتَّى أُشالْ
و أبلُغَ مبلغَ تلكَ الغُيومْ
و أُرْفَعَ في الأرضِ مثلَ الجِبالْ
أيا صاحِبِي أَدِرِ الكَأسَ فينَا
فقد كانتِ الكأسُ خِلاّ أمينَا
أدِرْها صديقي و لا تبخَلَنَّ
أدرها لتمحُوَ جرحًا دفينَا
أيَا صَاحِبِي اسْقِ فُؤَادي الجريحْ
وَ دَاوِ بها جُرْحَ قلبي الذبيحْ
فإن الخمورَ لنا كالدّواءْ
و إن الفؤادَ بها يسْتَرِيحْ
أيا صاحبي هاتِ كأسَ الشرابْ
لعلي أطير بها في السحابْ
فإن النبيذ لمثل الجناحْ
نطير به فوق تلك الهضابْ
أيا صاحِ قمْ هَاتِ كَأسَ الطَّلاَ
فَإنِي لِسُكْرِيَ لنْ أفْعَلا
و إني لسكرِيَ لا أقدِرُ
أحل مَسَائِلَ أو مُشكِلَ
أيا صاحِ قمْ هَاتِ كأسَ المُنَى
فإني لسُكريَ طُلتُ السَّنَا
و ربّي غفورٌ رَحيمٌ عفوْ
وحسبِي حَياتي أنا مؤمنَا
الهي سألتكُمُ عفوكمْ
و كم فاسقٍ رَحمَ اللهُ كمْ
فإنّي ضعيفٌ وأنتَ القويْ
و إني لِذَنْبِيَ كلّي ألمْ
الهي بُليت بِحبّ النبيذْ
ألا ارحمْ و تب إنَّ أنتَ المعيذْ
عشقتُ النبيذَ و كأسَ الشرابْ
و أعلَمُ أنْ عفوَ ربّي لذيذْ
أريدُ الصلاحَ ولا أستطيعْ
أريدُ لطاعةِ ربِّي البديعْ
و يمنعني حب هذي الخمورْ
فأحيَى حياتي بفسْقٍ مُريعْ
إلَهِي لَقدْ ضاقَت الأرضُ بِي
وقد طفتُ في الشّرقِ و المغربِ
وقد كانَ وجهكُمُ منيتِي
و لا زال حبّكُمُ مطلبِي
شربتُ نبيذاً بكأسٍ زُجاجْ
فَصِرْتُ أرى الصّقرَ فرخَ دَجَاجْ
و صرتُ أرى الواحِدَ احْدَى عشرْ
وصرتُ أرى العذبَ مثلَ الأجاجْ
أيا صاحِ قمْ واسقِ قلبِي الكسيرْ
فإن النبيذ لقلبي يُطيرْ
و إن الخمور لتحيي الرميمْ
ألا اسق فؤادِي ليُمْسي قريرْ
أ يا ساقِ هاتِ كُؤوسَ المُنَى
فقد كانت الكأسُ لي موطنَا
أعيشُ بكأسِي وَ أسكُنهَا
و ما عِبتُ في الكأسِ أن أسكنَ
سألتُ السماواتِ والأنجمَ
أليسَ لقلبيَ أنْ ينعمَ
فقالت رويدكَ لن تهنَأَ
و حسبك كأسكَ أن تفعمَ
مررتُ بحانٍ "بجندوبَةَ"
فقلت الخمور ولن تفلِتَ
فصرت كضمآن أشرَبُهَا
إذ الحان أهوى و لن أمقُتَ
ألا اسكرْ صديقِي فَرَبّي غفورْ
و صل كثيرا فربي شكورْ
فإن الجميلَ ليمحو القبيحْ
و ذنبي صغيرٌ و ربي كبيرْ
ألا اشربْ صَديقي و دعْ عنكَ لومِي
و هات النبيذ و أفديك أمّي
فإني لأذنبُ واللهُ غافرْ
وإن أعصِ رحمةُ ربي كيمِّ
الهي لإن بلغ الذنبُ أُحْدَا
و كسّرَ سيلُ ذُنوبيَ سدَّا
لما استيئَسَ القلبُ من رحمتكْ
و أنتَ تمدُّ منَ العفو مدَّا
لإن جلّ ذنبي فربي أجلْ
و ماليَ في غير ربي أملْ
فسقتُ ظللتُ وهوّ المجيرْ
وهوَّ الودودُ وأعلى المثلْ