من ثقب الغياب ـ شعر : مصطفى المغربي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

و كنت يا هالة الوجد
كلما دخلت المدينة المهترئة،
لا شرفة تضيء،
لا زقاق يلقي التحية،
لا أشجار تكشر في وجه الغبار،
سوى ابتسامة بعيدة بعيدة في الضباب،
ترسم شكل آه ممتدة إلى ما وراء الأسوار،
و زهرة.
أشرب الابتسامة كما السيجارة،
ألوكها،
أشرد و أقول بحذر:


- فيها من هالة الشمس أحمرغامض،
ومختلفة ،
ثم أخمدك في جسدي آهات محبوسة،
ورماد حريق لم يلتهب بعد.
----------------------------
مذ رجعتِ أنت للمدينة المهترئة،
و أنا أبحث فيك عن اختلافك فيّ
عما تقذفني به المجاملات،
و كان كل حضور باختلاف،
و كان كل حضور بائتلاف،
وباستيطان جديد،
حتى رأيتك فيّ ،
وطنا من ماء وطين،
و عصافير مشاغبة،
و نهرا يقبل جذور التين.
------------------------
كم حاولت أن أبق محايدا،
ناثرا للكلام فقط،
سائرا إلى شمسي وحيدا فقط،
ملوحا للواقفين أن يتحركوا باتجاه عري الضوء.
لكن حضورك لم يرحمني أبدا،
تصيبين الهدف بدقة متناهية،
تصوبين في اتجاه الأعماق الراكدة،
تعيدين تشكيل أحاسيسي على إيقاع الذهول،
توقظين أصواتا فيّ تاهت عن نبراتها.
-------------------------------------
وحين تغلقين عليك الثقب،
و تغيبين،
تتلاشين كفرحة صغيرة تغرب مع الشمس،
وتسلِّمينني للهب الأسئلة،
من تكون هذه الزنبقة المحتشمة؟
هذه القناصة الماهرة،
هذا الصدق المفرط في الاحتواء،
هذا الذي يهمس لي بأشياء ما تحسستها من قبل،
لذيذة كالعيد،
مذهلة كهجوم ربيع استتنائي،
أهي عشتار عادت من ملكوتها السفلي؟
ما تريد من عجوز يتلهى فيه صبية المدينة؟
من أين سندخل البستان؟
و الحراس، كيف نغافلهم و ننتصر؟
و الزمن، كيف نخرج منه إلى زمننا و نستقر؟
و تطول الأسئلة ولا جواب،
وأتابع سيري الحذر،
وأرسل رصاصاتي من حين للثاني أنا أيضا،
و أنتظر،
حتى غمرتني ذات مساء شقائق النعمان.
-------------------------------------------
تلك الزهرات لم أنتظرها منك أبدا،
ولا ذاك الاعتراف الهادئ
بأننا نجذف في ذات البحر،
و نلعق نفس الملوحة،
ونمنح للنوارس ذات الجناحين.
انتظرت منك قصيدة فقط،
لا بل قصائدا،
أغان عشق خرافية لكاتبات مجهولات،
كلام مجانين و مجنونات،
وطنا متوحشا كالأذغال،
ناعما كالعشب،
كثيرا من الابتسامات،
بعدها تغلقين عليك حصارك ،
و أغلق علي حصاري،
وتبقى عيوننا على ثقب الغياب الذي صار نافذة.
لكنك كنت أكبر،
و الذي تحملين أكبر،
راقصتني تحت المطر،
راقصتك تحته أمام الجميع،
وصار الربيع فينا ربيعا

 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟