ألوان المطر الضارعة ـ شعر: صالح أحمد

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

ما يحملُ الأفقُ هنا مَهزَلَة
وصمتًا يعيد صدى الزّلزلة
اثنان للمهد ... والمهدُ عُهود...
إلامَ يزدحمُ الزّاعمون...
وفي الرّكنِ أنا...
أبحثُ عن خبزٍ وماء
ويسخَرُ مني صدى الأسئلة.
هنا لا يعرضون سوى المقصلة
كلُّ الصّبّار مهدّدٌ بالتّلاشي،
حين يصيرُ المهدُ بحرا،
وكلّ ما يتركُ لي الراكبون موجةٌ


والمدى يصيرُ مسرحًا من ضباب...
ورقٌ تعرّى ...
والرّؤى عاصفة.
    (.......)
مهدان للحلم:
طاحونٌ تدور
وفي الأفق : "مرحى رغيفك أمي!"
صوتٌ تغرّب خلف الزّحام
يبحثُ عن مقعدٍ للحوار
وفي وعيِهِ تبصُقُ الأسئلة.
   (.......)
كم أعشقُ الجُنونَ المهدَّدَ بالتّنامي!
لا صمتَ، لا هدوءَ، لا خوفَ، لا وهمَ، لا ألوان...
في الجنون؛ يصيرُ الأفقُ –كل الأفقِ- موعدًا للموت...
والحفرةُ خيرًا من حدودٍ بلا أحصنة!
في الجنون؛ تصير حفنةٌ من رذاذ موجة موغلة؛ تَنثُرُ الملحَ..
أقربَ من وعودٍ سوقُها الأرصفة.
في الجنون؛ كل شيء –كل شيءٍ لنا-
ووحده الخوفُ يموتُ بنا.
     (.......)
يحق لي أن أحبّك أيها الجنون..
فوحدك تزرع طفولتي موتا...
يَخضَرُّ بكل حدودِ كياني
يصرخُ بكلِّ لغات العالم:
لم يعد موتي من مواسم الطبيعة...
ولم يعد واقعا ما يعلن القياصرة.
فأنا اهتديتُ من جنونكم إلى جنوني .
يحق لي أن أحبّ
وأن أموت حبًا
وليغضب الهكسوس والرومان والتّتار والأتباع والأحبار والأعوان والحيتان...
من حقّي أن أحبّ...
أن أموت كما يَروقُ لي أن أموت
أن أرفُضَ الخضوعَ، الجوعَ، الرّجوع...
أن أرفض أن يكون الحبّ مهدّدًا بالتّلاشي
أن أرفض أن ينتصبَ العَجَب
ليُطَبِّعَ حصاري وجوعي وموتي...
من حقّي أن أحب
أن أرى بجبين طفلتي أفُقا
بأصبعي الشاهِدِ مُنطَلَقا
بحجارةِ بيتي العتيقِ عبقا
بقطرات الندى على يدي غدقا
   (.......)
من حقي ان أحبّ، أجَنّ، أموتَ...
أمزّقَ الخرافةَ الساخرة
أحرقَ الصّفحةّ الغابرة
أرفضَ أن يكونَ حبي مغامرة
أرفضَ أن تكون حقوقي قضية
نقطةً في خطبةٍ ما ابتدت ...
وصفحةً من كلماتها عارية.
أرفضَ أن تكون قضيتي ...
إجابةً عن أسئلةٍ ساخِرَة...
     (.......)
من حقي أن أحبَّكِ يا مدينتي
وبيقينِ جنوني أبصقَ في وجه السّائلين:
لماذا أرفضُ أن تسكنك الزّانية؟!
يحق لي أن أحبَّكِ يا حبيبتي
أن أقرأ تاريخي في حجارتك المُعلَنَة
أسئلة اخطأتها المرحلة
وظلّت من حقيقتي مُجفِلَة
تعيشُ بي فيكِ منكِ إليكِ... العاطفة
وحولي كل الذين "تَشابهين" عليهم...
يرمونَكِ بعاصِفَةٍ من ظِلالٍ
ويعشقون لديك الفراغَ
لتُبقي لهم فكرةً من بياضٍ...
صورةً.. في حدود السّدى واقفة
      (.......)
يحق لي أن أحبّك...
وكلُّ القديمِ الجديدِ لديكِ منَ الأسئلَة
يكبُر في داخِلي عاصِفَة
يهزَاُ بالهُدنة الغارقة
نقطَةٌ ...
ونقطةُ المارِقين...
تمنَعُ الطّحين ..
عن المُتَّهَمينَ بالحبِّ والجُنون.
وتمنَحُ الأفقَ للغابِرين...
يَصبُغونَ الريحَ بلوثَةٍ من لَون
وتَنشُرُ الأقنِعَة...
يصير للخديعةِ نكهةٌ مُقنِعَة...
للشّهوةِ لِهاثٌ بلونِ الصّهيل...
للصّمتِ خاصِرَةٌ بلون الرّحيل...
للحوارِ بخارٌ بطعمِ الغبار ..
وللحصار... مواعيدُ نار
وللموت نافذةٌ تَستَثيرُ سكونَ المَحار:
آنَ لي أن أحبّ
لأخرجَ من لوحَةِ الانتظار
وأمشي بعيدا عن المقصَلَة
وعن موجَةٍ زَبَدُها من دمي
من تحتِها موجٌ، وفوقَها سحاب
وفي المدى كلاب
كلابٌ، وتعشقُ موجَ الدّماء
وللمدى أبواب
موجٌ وسحاب...
والصّوتُ إذ يَخون...
يحيلُهُ الغياب...
دماءً... هراءً... هواءً... عذابا...
وتسرَحُ الكلاب...
في كل أفقٍ، وشارعٍ، وباب...
وينتشي السّراب
ومن صدى دمائي يضِجُّ الاغتِراب:
آن يا حبيبتي .. يا قدس يا مدينتي...
آنَ أن أحبَّ..
أن يصير حبي:
بحرًا، لونًا ، وبابا...
فيه كلام آخر
عن كل شيءٍ آخر
عن رغبة تسكنني، وحبٍّ
تصير بي... أصيرها...
حقيقةً حبلى بي...
مطرًا يتوق لشمّ التّراب

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟