حملْنا السيارة الجديدة بالأمتعة، قفز كلبُ العائلة الصغير من النافذة المفتوحة، لحقتُ به، نادتني أمي:
-عدْ، تأخرنا، اتركه عند الجيران.
شغلتُ مكانا صغيرا في المقعد الخلفي وراء أبي، حلمتُ بالبحر الأزرق، والرمل الأصفر، داهمتني نسمة صيف منعشة.
أمضينا أسبوعين رائعين على الشاطئ.
في حزيران آخر، سنوات مرَّت، وأخرى جاءت، وضعنا حقيبتين على ظهر السيارة القديمة، غافلني كلبُنا ضخم الجثة، وانسحب خلسة، ناداني أبي بصوت مبحوح:
-لا بدَّ من الرحيل.
أمس، أول أيام الصيف، حقيبتي على ظهر السيارة المترنحة، نسيتُ الباب الخلفي مواربا، تسلل منه كلبي الهرم، تبعته، عاد واستلقى عند العتبة، تسرب إلى أنفي عطر الياسمينة البيضاء الوحيدة، لم أكن مستعجلا، فضّل كلبي قيلولة أخيرة في البيت الذي يعرفه.