جزء من مداخلة المفتش العام للشؤون التربوية بوزارة التربية الوطنية في الورشة التفاعلية، عبر تقنية التناظر المرئي، والتي نظمتها الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين لعرض التقرير الوطني حول نتائج التلاميذ المغاربة بالبرنامج الدولي PISA 2018 .
«...بالنسبة لي، إن مشاركتنا في المباريات الدولية لتقييم التحصيل الدراسي ستكون مفيدة إذا ما وضعنا على ضوئها موجّهات تقودنا إلى الطريق الجيدة...
و مشاركتنا في المباراة الدولية لتقييم التحصيل الدراسي لدى التلاميذ PISA2022 لا نتوقع منها مفاجآت كبيرة، عدا أنها ستخبرنا بالخسارة التي عرفتها التعلمات بسبب التعليم في ظل الجائحة كوفيد-19.
أقترح لاحقا، بالنسبة للدورات المقبلة من المباراة، وكمطلب خاص، أن يتم نشر التقارير في الأشهر الموالية للإعلان عن النتائج حتى تتمكن الوزارة من التدخل.. وتصحيح سياستها في تدبير القطاع واختلالاته ( ...)
منذ 2018 وحتى اليوم لم تعرف برامج الإعدادي أي تغيير، بالتالي لا ننتظر جديدا يختلف عن النتائج التي سبق لنا الحصول عليها .
من ملاحظاتي على تقرير الهيأة، أذكر الآتي:
في المدخل الأول، ارتفاع نسبة التكرار في نظامنا التربوي (وصفه التقرير بكون نظامنا غير مدمج) مع ذلك فقد تحقق خفض النسبة من 90 في المائة إلى 60 في المائة. السبب الرئيسي للفشل في الابتدائي هو تنوع ملامح التلاميذ في السنة الأولى ابتدائي ومدى استفادتهم من التعليم الأولي. العنصر الثاني هو وضعية أساتذة الابتدائي خاصة حينما يكون فارق السن كبيرا جدا بينهم وبين تلاميذهم الصغار
( ...)وخفض التكرار ليس حلا (سحريا) لتجويد التحصيل .
البدائل المقترحة في التقرير، بعضها قامت الوزارة والمؤسسات بالعمل عليها ومنها إنشاء خلايا اليقظة بالمؤسسات، ولدينا اليوم أداة مهمة للتتبع من خلال منظومة مسار ومعطياتها للتنبؤ والتدخل القبلي لمساعدة التلاميذ المهددين بالفشل الدراسي .
تسريع وإرساء آليات الدعم التربوي الفردي، وهي أيضا عملية قامت بها الوزارة مع أنه من الصعب القيام بالدعم الفردي للتلميذ خاصة للمدرسين بالعالم القروي .
التخفيف من حجم البرنامج الدراسي (المقرر) عملية تمت منذ 2018 في الابتدائي ومعه تم تقليص غلاف الزمن بالنسبة لأساتذة الابتدائي "رسملة زمن العمل الدراسي" حيث يعمل الأستاذ 27 ساعة/الأسبوع، ويستفيد من 03 ساعات/الأسبوع تنجز في إطار مشروع المؤسسة وفي الدعم التربوي..
المقترح الربع في تقرير الهيأة، هو تسريع تعميم التعليم الأولي، ونحن قد انتقلنا في ذلك من نسبة 64% قبل 3سنوات،إلى 72% اليوم. والعملية تحتاج لأن نتقدم بها بحسابات معقلنة أمام طبيعة المشاكل التقنية والمادية والمالية .. مع العلم أنه لدينا 30% من التعليم الأولي من الصنف التقليدي ويحتاج عملا أعقد وأصعب .
وبالعودة إلى المشاريع الوزارية التي هي قيد الأجرأة، يمكننا أن نضع تلك المقترحات في خانة أربعة مشاريع أساسية :
1--مشروع الدعم الاجتماعي
2--مشروع الإدماج للتلاميذ في وضعية إعاقة .
3--مدرسة الفرصة الثانية (والتربية غير النظامية)
-4-مشروع التعليم الأولي .
حينما يقول التقرير إن المدرسة المغربية تضع مبدأ تكافؤ الفرص في خطر.. أقول من جهتي هل يمكننا أن نضع في خطر شيئا لا وجود له ؟. نضع تكافؤ الفرص في خطر إذا ما كان لها وجود.. وهو غير موجود، بالتالي فإن المدرسة العمومية تهدف إلى تقليص انعدام تكافؤ الفرص وليس وضعها في خطر .
في المدخل الثاني، كيف أن تلاميذ متميزين لدينا لا يصلون إلى النتائج والمعدلات التي تعتمدها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OCDE) ؟ .
تقرير الهيأة يدعونا لمساءلة-على الأقل-المناهج، والمقررات، والمقاربات البيداغوجية. أعتقد أن هناك عنصرا منسيّا، وهو أنه من الواجب مساءلة كيف نقوم طريقتنا في تقييم تلاميذنا .
كان الراحل عبد الرحيم الهاروشي يستعمل مجازات للتعبير عن نظام الامتحانات، وكيف أن الامتحانات توجه -بشَرطِيّتها- التعلمات .
حينما نكون في وضع يتميز بتدني وضعف نسبي لمستوى التلاميذ فإن الامتحانات التي يحضرها المدرسون والمديريات الإقليمية والأكاديميات وعلى المستوى الوطني يمكن أن يكون لها ميل Tendance لجعل متوسط معقول من التلاميذ في وضع مريح للإجابة أو للحصول على المعدل. وهنا، فإن التلاميذ المتفوقين لا يجدون الشروط والوضعيات التي تحفزهم على بذل الجهد الإضافي.. ولهذا قبل سنوات (10سنوات) قمنا بإحداث مؤسسات، التميّز، ونرى اليوم مع مؤسسة تميّز على غرار ثانوية بنجرير كيف أن نتائج المغرب بالنسبة لعدد من المسالك في المدارس الكبرى على المستوى الدولي كانت، وبشكل بارز متطورة وحسنة..
مساءلة المنهاج نعم، ولكن ليس بمفرده .
لمساءلة المنهاج، نقرأ في التقرير أنه علينا القيام بذلك على ضوء ما يتم إنجازه في مناهج البلدان ذات الأداء الجيد (المتقدمة)، ونحن لا يمكننا القيام بالتجول في البلدان ذات الأداء الجيد من باب التسلية حتى نعمل على تحسين المنهاج الخاص بنا. ولكن أفكر بدل ذلك -على غرار ما قمنا به في الابتدائي بالنسبة ل TIMMS..- أن نقارن بين الأطر المرجعية المعتمدة في التقويمات على المستوى الدولي ومقرراتنا المدرسية ،وهذه طريق أكثر صلاحية وفعالية بدل الذهاب للبحث عما يناسب بلدانا في الخارج وفي شروط لا يمكن نقلها إلى مدرستنا.
لقد قرأت باهتمام ما ورد في التقرير بالنسبة للرياضيات والقراءة والعلوم. لست متخصصا في اللغة ولكن بالنسبة للرياضيات والعلوم فهي مجال تخصصي ،أرى أن تلميذا في نهاية السلك الإعدادي، يمكنه نظريا، أن يصل وبسهولة، إلى المستوى المحدد تحت رقم 06. بينما في النتائج يبدو أننا غائبون عن المنصة، فنجد أنفسنا ما بين المستوى رقم 01 و02 وأحيانا 03 بنسب ضعيفة جدا.
بإعادة قراءة وصف المهام التي تشكل موضوع اختبار التقويمات، أتساءل، ألا يجب اعتبارها بمثابة عناصر معيارية أساسية وانطلاقا منها يمكننا إعادة بناء مناهجنا ؟
وهذه، ربما، قد تكون، إحدى الطرق التي يمكننا العمل عليها قريبا بعد الانتهاء من إعادة وتحيين منهاج الابتدائي والذي أخذ منا 06سنوات (2014-2021) وتوقع المرور إلى مناهج الإعدادي .
إذن، بالنسبة للمدخل الثاني، فإنه، حتى التلاميذ المتفوقون لدينا لا يصلون إلى معدلات OCDE.
مساءلة المنهاج والبرامج، مساءلة التكوينات الأساس لأطر التدريس، مساءلة المقاربات البيداغوجية، مساءلة الوسائل البيداغوجية وخاصة الكتاب المدرسي، حيث الكتاب المدرسي عندنا يظل العنصر الرئيسي في القيادة لما يحدث في القسم، ثم النظر وإعادة النظر في الأطر المرجعية للتقويمات والبحوث الدولية التي يشارك فيها المغرب، وهنا على غرار المدخل الأول، لدينا مشروعان كبيران(ضمن حافظة مشاريع لتنزيل القانون الإطار) ويتمحوران بشكل خاص حول ما أوردته سابقا، وهما
المشروع 08 حول تطوير النموذج البيداغوجي
المشروع 12 حول أنظمة تقييم التعلمات .
المدخل الثالث، يتعلق بالوسائل والموارد البيداغوجية المادية الموضوعة رهن إشارة المدرسين والتلاميذ
أولا نقص الوسائل، وضعف كل من الربط الافتراضي، والتأهيل في المورد البشري، ونقص المساعدة التقنية. لقد دخلنا منذ حوالي 15 سنة في التعليم الذي يعتمد على الوسائل الإلكترونية والرقمية، ولا يمكن للأستاذ(ة) أن يتحول من بيداغوجي إلى مختص في الإصلاح وللقيام بمختلف المهام الموكولة له تقليديا. إذن، هذا النقص، والذي هو ليس بالضرورة نقصا ماديا، وفي المقارنة مع البلدان التي حققت خطوة في تحقيق التجهيز الكامل للمؤسسات التعليمية بالوسائل المعلوماتية، لا أعتقد أننا سنجد فوراق كبيرة بخصوص النتائج .
طريقة استعمال تلك الوسائل، ومدى التحول في التصرف وفي الممارسات البيداغوجية هي الرهان الرئيسي، لا توفر الوسائل في حد ذاتها .
وكل هذا أضعه مشروطا بالعلاقة مع التقويم. ولدينا تجربة سابقة، إذ يعرف المتتبع لنا أنه خلال فترة البرنامج الاستعجالي كان هناك مجهود كبير في تجهيز مختبرات العلوم الفيزيائية والكيميائية وعلوم الحياة والأرض بالثانويات. ولكن، ولأن التلاميذ لا يمتحنون في البكالوريا سوى في الاختبارات النظرية، فإن عددا كبيرا من المدرسين يفضلون zapper القفز على الأشغال التطبيقية والذهاب مباشرة نحو الأشياء الأساسية المنتظرة في امتحان البكالوريا.
إذن، الوسائل والموارد الرقمية، ووسائل المختبرات، كلها مهمة، ولكن ينبغي دمجها ضمن سيرورة تأخذ بعين الاعتبارات المكتسبات التي ستتحقق عبر تلك الوسائل .
(...) في أحد الدواوير حيث لا كهرباء، والمدرسة ليست ضمن لائحة المؤسسات المبرمجة لاقتناء الوسائل المعلوماتية.. فالأمر يتطلب نوعا من البراعة في استعمال بعض التعبيرات (التي وردت في تقرير الهيأة) حتى يسمح لنا ذلك بأن نكون جميعا في وضع مريح.
بالنسبة للحلول، نعم لتكوين أطر التدريس على تكنولوجيا المعلومات، ولكن التكوين يجب ربطه بالفعلAction لما نقوم بتكوين أستاذ ثم نتركه لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات قبل وصول التجهيزات والوسائل إلى المؤسسة، لدينا كل الحظوظ أن تصير تلك التكوينات طاقة مفقودة.
التمييز الإيجابي لفائدة التلاميذ من الأوساط التي تعرف هشاشة هو أمر مهم أيضا، ولكن هذا التمييز يحتاج لتوفير الوسائل التي تسمح بتنفيذه. لا أتوفر على الرقم بدقة لعدد المؤسسات في العالم القروي التي هي عرضة للتخريب كل سنة، وكثير من رؤساء المؤسسات بتلك المؤسسات لديهم صعوبات متعددة في حفظ الوسائل حيث لا تتوفر إمكانية حراستها خاصة خلال العطل. لقد تم اقتناء شاشات البلازما، وأجهزة الفيديوDVD على الأقل بالنسبة لبعض الموارد والمواد مثل اللغات والجغرافيا..إلخ غير أن عدم التوفر على أمكنة آمنة لحفظ الوسائل، يدفعنا إلى اعتبار التمييز الإيجابي -ربما اليوم- ممكنا بوضع أجهزة الألواح اللمسية رهن إشارة التلاميذ ،ألواح يمكن تغييرها بأثمنة متاحة في حدود 20 دولار ومدرسة بها 6 ملايين تلميذا مع قطاع صناعة إلكترونية واعدة بالمغرب توفر فرصا مهمة يمكننا استغلالها على غرار بلدان كانت لها التجربة في ذلك .
ولربط ما ورد، بحافظة المشاريع فهو يتقاطع تماما مع المشروع 14 .
المدخل الرابع، له علاقة بالتكوين الأساس والتطوير المهني، وهما معا ينبغي تقويتهما .
يضع التقرير ملاحظة أساسية حول الفرق الموجود بين أطر التدريس ما بين مؤسسات التعليم العمومي ومؤسسات التعليم الخصوصية (سأعود إلى هذه النقطة) ثم يشير إلى المدة القصيرة جدا لفترة التكوين الأساس، وعلى مدى توفر الكفاءات المختصة في التكوين وبتجربة مشهود لها .
حينما نقوم بتكوين 15000 أستاذ(ة) كل سنة فنحن في حاجة لتلك الكفاءات في التكوين الأساس والتأطير.
في المقارنة بين المقارَن، عندما تكون لدي مؤسسة تعليمية أو مجموعة مؤسسات تعليمية ببضع عشرات من المدرسين، وأحيانا دون تكوين أساس، فإن التطوير والتأهيل المهنيين يمكنهما تقليص الفارق مع ما يتوقع اكتسابه خلال التكوين الأساس .وإذا ما كان ذلك التطوير المهني مستمرا يمكن أن نحصل على مدرسين بخاصيات مهنية وبأداء جيد ،وهو ما نراه في المؤسسات الخصوصية، حيث يكون أحيانا المدرسون خريجو الجامعة العاملون بتلك المؤسسات من دون تكوين بيداغوجي ويستفيدون من تكوين القرب من طرف المدير التربوي، ومن طرف المفتشين، من طرف المصاحبين، من طرف الأساتذة السابقين، وبسرعة يصبح لدينا أساتذة بكفاءة جيدة .
بالنسبة لنا في مؤسسات التعليم العمومي، نحن تحت عامل الكتلة وارتفاع العدد ،وهنا، وبشكل يثير الاستغراب في التقرير، لا أجد فيه (التقرير) ما يشير إلى استحضارinterpeller هيأة التأطير والمراقبة في العلاقة بالتكوين المستمر للمدرسين .لدينا في الوزارة هيأة بحوالي 2000 إطار معفيون من العمل بالأقسام وهم متفرغون بشكل رئيسي لمصاحبة الأساتذة .التقويم نعم صحيح، ولكنه ليس تقويما من أجل التقويم، بل إنه التقويم من أجل التطوير والتطوير في الأداء المهني ،وهذه طريق يتم اليوم إغفالها خاصة وأن فعل التقويم يتوقف عند تحرير التقرير بينما إحداث التغيير يحتاج التأطير والمتابعة .
هناك أيضا دور رئيس المؤسسة في السلك الابتدائي، فهو مدرس له معرفة بالبرنامج الدراسي، وبالممارسات الجيدة، وكذا دور جماعات الممارسات المهنية.
أنهي هذا المدخل الرابع، بالإشارة إلى دور كل ما تحت طائل الوسائل التعليمية البيداغوجية الموضوعة رهن إشارة المدرسين .
نلاحظ، ومنذ زمن بعيد، أن عددا كبيرا من الأساتذة لدينا في سلك التعليم الابتدائي، لا يتوفرون سوى على الكتاب المدرسي الموجَه للتلاميذ .لقد قدنا معركة كبرى مع الناشرين حتى نستطيع توفير كل الدلائل المرافقة ل90 كتاب مدرسي (من أصل 116 ) وهذه الدلائل الجديدة منذ 2018 متاحة للأساتذة على موقع الوزارة، وهي لم تعد دلائل بمواصفات نظرية بل هي دلائل للتطبيق تبرز المهام والأنشطة .وهذه الوسيلة مهمة جدا، وقد رأينا ذلك في تجارب البلدان الأسيوية التي تضع الدلائل إلى جانب الكتاب المدرسي لمساعدة المدرس على القيام بعمله في ظروف حسنة.
المدخل الخامس، يتعلق بتسيير المؤسسات التعليمية ،التأطير البيداغوجي ودعم عمل المؤسسات.
أولا، رؤساء المؤسسات بشكل عام في الابتدائي وبقدر قليل من الأطر الإدارية في غيره، هم المشرفون بشكل رئيسي على تسيير المؤسسة .
في إعدادية من 1200-1300 تلميذ، لدينا رئيس المؤسسة، حارس عام (02) علما أنه لدينا مذكرة وزارية تحدد قاعدة حارس عام واحد لكل 600 تلميذ تقريبا .يصبح دور الحارس العام إذن، بدل الولوج إلى منظومة مسار وتتبع التلاميذ، هو معالجة وضع 600 تلميذ ..
صحيح نحن الآن في السنة الثانية من تكوين أطر الدعم الإداري ولكن الخصاص كبير ونحتاج لبذل مجهود كبير في هذا الجانب.
الأمر الثاني الذي ورد في التقرير، هو هدر الزمن المدرسي، هدر زمن التعلم.
ينبغي علينا التمييز هنا بين تلاميذ يوجدون داخل القسم لكنهم أحيانا لا يتعلمون أي انهم تلاميذ يوجدون داخل القسم لكنهم أحيانا لا يتلقون بعد الدرس أو لا يتابعون نشاطا ما وبين تلاميذ يوجدون خارج القسم أو أن المدرس لا يوجد في القسم، ،وهي الحالة الصارخة.
و(...) هنا عدد من العناصر المتنوعة والتي تتآلف لتصب في موضوع التحليل والقراءة المقدمة أعلاه.
لقد أثارني عدم وقوف محرري التقرير على عنصر مهم يتعلق بانخراط التلاميذ، وعدم التفكير نوعا ما في ربط انخراط التلاميذ واللاّأثر للتكرار. التلاميذ الذين يكررون غالبا إذا ما انخرطوا في التعلمات فإنهم ينجحون، وإذا هم لم ينخرطوا فالتكرار لن يعالج المشكل، بل الانخراط هو الذي يجب أن يعالجه .
وهنا، نحن أمام متغيرات مركّبة تحتاج للتحليل العامِلي أكثر من الوقوف عندها بالتحليل الإحصائي التقليدي أو الوصفي .
انخراط أطر التدريس، هنا يقف التقرير ايضا عند حدود التصريحي .فاستبيان المدرسين هم استجواب حول ما يعلنه المدرسون .ولكن، هل فعلا ما يعلنه المدرس هو الحقيقة ..؟
انخراط المدرس ينبغي أن يكون متمظهرا وقابلا للقياس وخاصة من خلال ملاحظات، وأقول للإضافة ملاحظات مشارِكةparticipantes. ويمكن لمفتش و ملاحظ متمرّس خلال 05 دقائق داخل القسم أن يستشعر انخراط المدرس في مهنته أو عدم انخراطه فيها عبر فحص عدد من المؤشرات التي يمكنها كشف درجة انخراط المدرس .
التنمّر، ومضايقات التحرش، معطى قديم جدا، وظاهرة تعلو إلى السطح خاصة مع استعمال الوسائل الجديدة للاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل أساسي.. أحيانا بحثا عن السّبق على المواقع الافتراضية واحيانا بسبب مسؤولية المعني بالمسؤولية الذي يسمح بتدهور الوضعية والتي يمكن حلّها قبل أن يصبح حجمها غير قبل للحلّ .
أخيرا مناخ القسم، والانضباط داخل القسم .وهذا أمر وقفت عليه شخصيا من خلال كثير من اللقاءات كانت لي مع المدرسين (ات)خاصة حينما تكون الفرصة مواتية بالتحدث إليهم بصفة مدير المناهج دون قبعة السلطة بل بمثابة زميل العمل collègue، فقد كان المدرسون يعلنون عما يعانونه وعن فقدان السيطرة في تسيير القسم وفرض الانضباط داخله...وهناك صور ذهنية عن عدم التوفر على البدائل البيداغوجية حيث إن مدرسا سُلبت منه تلك الأداة (التقليدية) التي يستعملها لفرض الانضباط ولم تُمنح له أداة بديلة تضمن له الحصول على الانضباط في القسم. وهذا سؤال يدعونا للتفكير فيه ليس فقط كنظام تربوي ولكن أيضا بتدخل السوسيولوجيين وعلماء النفس ..وغيرهم لتحليل المجتمع المغربي .
المناخ في الأقسام هو مناخ إذلالhumiliation وله علاقات قوية بالتحرش والتنمّر وأحيانا التلاميذ الذين يتعرضون للتحرش(التنمّر والمضايقات) هم التلاميذ الجيدون لأنهم جيدون، وهنا أيضا التحليل العاملي لهذه المتغيرات المختلفة يمكن أن يمنحنا أفكارا حول الدواسات التي يمكننا وضع الحركة عليها ...ما الذي ينبغي القيام به ؟
لدينا، وقد ورد هذا في التقرير أيضا، بعض المقترحات، منها تقوية القيادة التربوية بالمؤسسة، ولكن هل نعرف فعل ذلك؟ إن تقوية القيادة أمر لا يقدم في وصفة، ورئيس المؤسسة اليوم "غارق"submergé فيما ينتظر منه كمهام إدارية ،وحتى يصير قائدا بالمعنى المطلوب يحتاج لأن يحصل ضمن زمن عمله على زمن يخصصه لما هو بيداغوجي .
تسيير القسم والسلوك المزعج داخل القسم ،نحتاج هنا لأن نتوفر على أدوات ،وعلبة أدوات تجيب عن سؤال كيفية مواجهة حالات معينة ليست لنا المعرفة بالتعامل معها .
تقوية الأنشطة الموازية بالمؤسسات ،نعم، ولكن نحتاج لمساحة زمن في جداول حصص الأساتذة تسمح بتلك الأنشطة. اليوم، تتم الأنشطة الموازية وبشكل خاص بتطوع من الأساتذة ويكون ذلك على حساب الزمن الشخصي للأستاذ، ويحتاج أيضا هنا لنوع من المعارف ،وقد بدأت عملية إنشاء شبكات على صعيد الأكاديميات (مسابقات فنية..) وهي طريق جيدة ينبغي علينا الاستمرار فيها والاقتناع من طرف كافة المسؤولين وأولياء التلاميذ بأنها طريق يمكن أن تقلص من كل الآثار السلبية التي تحدثنا عنها .
تطوير الأبوةparentalité الإيجابية ،مطلب ورد ايضا في التقرير، ولكن هل هي وظيفة المدرسة؟ أليست مهمة فاعلين آخرين في المجتمع، وفي قطاعات وزارية أخرى؟.
نريد طبعا أن تكون لدى الآباء روابط بالمدرسة، وأن يكونوا على وعي بما تقوم به المدرسة، وأن لا ينتظروا من أبنائهم فقط قدومهم لاستظهارréciter ما تلقوه فيها عن ظهر قلب ..فهذا يفترض أن هناك فاعلين ومتدخلين في المجتمع إلى جانب الأسر.
للختم، أقول، لدينا فعلا تأخر في مواجهة التحديات المطروحة، ولكنها ليست أقدارا كارثية، ولا أعتقد شخصيا، أن هذه التحديات التي جاءت في التقرير 2018 هي مصائب لا مفر منها.. فالتغيير ممكن، وما أقره قطاع التربية منذ الإعلان عن مشاريع الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 هدفه الوحيد تطوير المدرسة المغربية ،وعلى كل الفاعلين الدستوريين والمؤسساتيين المساهمة والدعم لكل ما هو إيجابي في السياسة التي يتبعها قطاع التربية الوطنية، وينبغي أيضا أن نتعامل بانتباه شديد مع بعض الأرقام. فحينما قرأت في التقرير أن64% من التلاميذ المغاربة معنيون، أقول إن التقرير قد نسي أنه لدينا 91000 تلميذ يوجدون في مراكز التأهيل المهني ومن المحتمل أن يكونوا في عمر 15سنة ،ولدينا 70000 تلميذ يوجدون في مؤسسات الاستئناس المهني،...ولدينا 10000 طفل في عمر 15 سنة أو تقاربها لم يشملها بحثPISA2018 وهي في مرافق للتكوين المهني غير تابعة لقطاع التربية الوطنية .
وحينما أجد في التقرير بأنه لدينا تلاميذ في عمر 15 سنة ويتابعون دراستهم في الثالثة ابتدائي فأرى أنهم تلاميذ ينتمون للتعليم العتيق وليس مؤسسات التعليم العمومي بنسب دالة (...)
في النهاية، أرفع القبعة عاليا لكل الفريق الذي سهر على تحرير هذا التقرير، والذي جاء ثلاث سنوات بعد تقييم 2018، مع ذلك أن يصل متأخرا أفضل من ألاّ يصل...سيكون لنا موعد مع PISA2025 طالما أنه بالنسبة لدورة 2022 لم يطرأ تغيير كبير يمكننا أن ننتظر منه نتائج أو تغييرات مثيرة مقارنة مع 2018..».
(ترجمة .ذ. محمد أبرقي2022/02/10)