الضيف – قصة : د.حسين مرعى

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسودعت صديقاتها على ان يلتقوا فى الصباح الباكر قبل تحية العلم
القت نظرة خجلة على الفتى الذى يتبعها كل يوم كأنه حارسها الخاص
كل يوم يراقبها من بعيد وتراقبه ولا تفهم ماذا بعد
وفى ذات يوم هتف باسمها..تلجلجت كيف عرف اسمها وكيف تجرأ على ان يستوقفها فى منتصف الطريق
اقترب بخطواته التى تقارب بعضها وتشبه الخطوات الأولى لطفل
**
اقترب اكثر .. كانت المرة الوحيدة التى يقترب فيها الى هذا الحد
لمحت فى وجهه الطفولى عرقا غزيرا كمن ارتكب ذنبا
لم يتلفظ بحرف.. ركز النظر فى عيناها السوداوان وتبسم
اخرج من جيبه ورقة ودسها فى يدها وانطلق يسابق الريح
**
لملمت ما تبعثر من اعضائها المرتبكة .. خبأت قصاصة الورق بين دفاترها
شعرت ان كل العيون تلاحقها وان كل الغرباء يعرفونها
القت نظرة على المارة وواصلت السير
                               **
اقتربت من حارتها الضيقة .. لفت انتباهها نظرات صاحب الكشك الصغير بمدخل بيتها
 كأنه يريد ان يخبرها بشئ
فقد كانت تشترى منه كل صباح حلوتها المفضلة بنكهة الفراولة
وتكتم ضحكتها من منظر شعره الأشعث ويديه الضخمة
                                    **
دقت جرس الباب .. انتظرت طويلا فلم يفتح أحد  .. مرت لحظات وسمعت صوتا لا تعرفه
أطلت عليها سيدة ذات ملامح صارمة وترسم ابتسامة تبدو للرائى انها وعيد
ترددت كثيرا ان تدخل ولا صوت لأمها التى لا يتوقف صياحها كل يوم
                                 ***
تقدمت بحذر تحتضن كتبها وكأنها تحتضن طفلها الرضيع
اندفعت نحو حجرتها وجال بخاطرها كل الحواديت المرعبة التى كانت ترددتها جدتها
القت بالكتب فوق اريكتها .. واخرجت الورقة
كان الخط رديئا جدا حتى انها تخيلت انها لغة غير العربية
حاولت ان تستكشف ولو حرفا واحدا من كل الكلمات .. و لكن دون جدوى
ولكنها تبسمت حينما لمحت رسمة قلب صغير فى أعلى الصفحة .. أدركت لحظتها كل معانى الكلمات
                                     ***
دخلت امها ويعلوها ابتسامة عريضة ربما لاول مرة تراها على وجهها
 فقد اعتادت ان تلعن الايام وحظها السيئ
قالت الأم وهى تلتقط انفاسها المتقطعة .. مبروك  يا بنتى .. جالك عريس
                              ***
تداخلت لديها الاحاسيس .. واتجهت نحو المرآة
فكت ضفائرها .. وتحسست جسدها النحيل كأنها تستكشف جزيرة
فقد كانت تحلم ان تكون يوما مثل " كولومبوس"
وكانت تستهويها رحلات ابن بطوطة وكتابات المسعودى عن بلاد العجائب
                                    ***
صاح ابوها من داخل حجرة الضيوف .. انتو فين؟ اسرعت الأم تلبى النداء
اخبرها وهو يمد اليها عددا من اللفائف التى احضرها الضيف من بلاد الغربة .. استعجلى الفتاة
التقطت منه الأشياء وكأنه يمد لها شربة ماء فى صحراء قاحلة
                                    ***
عادت من جديد لحجرة ابنتها.. اتصلى بصاحبتك علشان تساعدك
اسرعت امسكت بالهاتف .. اخبرت زميلتها وكأنها تستفزها بقطعة حلوى فى يدها
جالى عريس ..
                                   ***
بالداخل كانت تخط احمر الشفاه لأول مرة ..
فوالدتها كانت دوما تخبرها .. الحاجات دى عيب
وزميلتها من خلفها تارة تمشط شعرها وكأنها تنحت تمثال من رخام
وتارة تذهب مسرعة لتلقى نظرة من وراء الباب على ذلك الضيف
                            ***
انطلقت الام تصطحب ابنتها التى تتعثر فى ثوبها الفضفاض
وزميلتها تتراجع حتى تتوارى خلف الستائر وتغمز بالعين اليسرى
وترفع اصبعيها بعلامة النصر
هكذا كانت شارتهم حينما تأتى الأشياء كيفما يشاءون
او عندما يحصدون اعلى الدرجات فى امتحان اخر العام
                                    ***
استقبل الاب ابنته استقبال الفاتحين ..وكأنها فرصته الاخيرة فى الحياة
اجلسها بجواره.. ضم على يدها.. سلمى على الضيف
رفعت عيناها الملتصقة بالأرض ومدت يدها
تراجعت خطوتان للوراء ..فقد كان الجالس فى سن ابيها
                                  ***
دفعها ابوها مرة اخرى .. وتحفز الضيف كالجائع منذ سنين
مد يده .. ترددت كثيرا..واخيرا مدت له يدها الصغيرة
رمقها بنظرة من خلف زجاج نظارته السميك .. فارتعدت
انطلقت الام تهدأ روع ابنتها
اخرج الضيف من جيبه علبة .. القاها للأم ..فانطلقت منها زغرودة انهت هدوء المكان
تصافح الرجلان ..احتضنت الام ابنتها وهمست فى أذنها.. مبروك ..فرحك الخميس القادم

انتهت

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة