فى ذكرى موت شئ ما - قصة : د.حسين مرعى

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
anfasseضحكت وقد بدت أسنانها المنتشية كأزهار البنفسج فى فصل الربيع
توارت للوراء قليلاً وقد أسدلت عصابة سوداء لتخفى نصف وجهها الأسفل
لتظهرعيناها المكتحلة كبقعة حبرعلى صفحة بيضاء
أو كعصفور الجنة محلقًا على خلفية من السحب الحبلى كالعهن الابيض
ازاحت قليلاً غطاء وجهها فارتجف حين بدت شفتاها المكتظة بخلاصة عصائر الدنيا
كان يعشق نكهة الفراولة ربما لأنها الأقرب شبهاً إلى شفتاها أو إلى وجنتيها
ودارت فى رأسه الأفكار عن مخزون العسل المصفى وبقايا الخطيئة الاولى
وابتسم حين بدأت تردد على مسامعه رقم هاتفه الجوال وكان قد سألها إن كانت تذكر رقم هاتفه
فرددت الرقم كاملاً وهى تتمايل كأنها أعواد الياسمين يداعبها قطر الندى لتعلن بداية العهد الجديد
****
كانت رساءلهم القصيرة لا تتوقف وكأنها فيض ولا سد منيع فى هذا الزمان
كان يدعوها زوجتى رغم أنهما حتى لم يكونا مخطوبين
لكنه كان يردد أن الارواح تزاوجت وأنجبت عشرة يرثون الأرض
فكانت تقول له اصبر ولا تتعجل .. كانت نمطية حتى فى لحظات الجنون
ويجيبها:
أنا الف مرة داعبت روحك فى الشتاء البارد .. ألا تذكرين؟
كم لامست كفك الصغير وشفاهك الحارة .. كم لامست منابع التكوين
كم غمرنى ماءك المقدس و طوقتنى زهور اللوتس فى كل حين
فاجمعى شظايا البللور وزهرك المتلهف وحاذرى وأنت تتكلمين
****
سيدتى وكل ما أرجوه من الدنيا .. أهديكى القلب وما حواه
أنا الذى أفنى العمر لأجل ابتسامة..وجنى الذى جناه
أنفاسى وجسدى يفتقدون حلم كنا قد حلمناه
سيدتى.. اليوم تنتشرين كعطرك.. انا وروحى افتقدناه
فأنا قد كتبت عن شفاهك مالا يُكتب ونقشت اسمى فى كتب العشق بحروفٍ من ذهب
****
توقفت رسائلها يوماً ما فأزعجه القلق فبادر بالإتصال
كانت لا ترد على الهاتف فازداد قلقه..أرسل سيلاً من الرسائل ولا رد
مرت ثلاث ليال ثقيلة كالجبال.. كئيبة كليالى العزاء فى بلدته الصغيرة التى تعشق الحزن
قاحلة كموسم خريف ولا ربيع يقاوم الزحف المنظم حين يتوحد مروجى الخراب
بينما هو غارق فى الأفكار إذ وصلت رسالة
وما أن رأى اسم المرسل حتى هدأت نفسه قليلاً وتبسم كطفل عاد اليه والده وفى يده لعبته المفضلة
وعبوة كبيرة من المثلجات فى يوم شديد الحر
بادر بفتح الرسالة وقراءتها فارتعش حين لمحت عيونه الحروف الأولى لتعلن نهاية العهد الجديد وكل عهد
تحجرت دمعة فى عينيه كعادته حين يستشعر الوحشة وسط حشود الأقربين
لم يستطع أن يتلفظ بحروف الرسالة لكن عيناه التى طالما عانقت عيناها هى التى بدأت بالإنهيار
وقرأت فى وجل:
"ل و   م ا     ا ر ت ب ط ن ا ش    م و ش   ه ي ح ص ل    ح ا ج ة    ع ا د ى    ي ع ن ى"
****
 انتهت

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة