الحوار الأول
قال له عندما أحس أن الحوار أصبح جديا :
- العدالة المطلقة وهم نعتقد أنه حقيقة ...
- والوهم حقيقة نسبية ...
- إذن الحقيقة والوهم لا ينفصلان و ضروريان
- أكيد ..أكيد ..في كل حقيقة جانب من الوهم ، وفي كل وهم كثير من الحقيقة...
- جميل ..إذا العدالة حقيقة نسبية فيها الكثير من الوهم ...
- لا..لا..لا العدالة وهم نسبي فيه من الحقيقة الكثير...
- كيف ؟ هل نحن نعيش وهما كالحقيقة إسمه العدالة ...
- بل العكس ...نعيش حقيقة كالوهم إسمها العدالة ...
- إذن العدالة عدالتان ...
- لا...أبدا العدالة واحدة ....تشبه العملة ...بوجهين ...وجه يحمل شعارات جميلة و وجه فيه أرقام...
ضحكا قليلا وعادت الصرامة لملامحهما ، وهما يتناولان فنجانين من الشاي سأله فجأة :
- عملة حقيقية أم مزيفة ؟
- بل حقيقية لكنها قديمة....
الحوار الثاني
أصبح النقاش حادا ، أرهف الحاضرون السمع ، قال المذيع – واثقا من نفسه – لمحاوره :
- إن السياسة هي فن الممارسة اليومية للقضايا ...
- لا...لا...أختلف معك ، إنها الممارسة اليومية للفن ، وبشكل أدق للتمثيل ، يجب أن تكون ممثلا جيدا...
- إسمح لي ...لم أفهم ...أي علاقة تجمع التمثيل بالسياسة ؟
- ربما لم تفهم قصدي ...إن السياسي الفاشل يمكن أن يكون ممثلا مبدعا..
- إذن...الممثل الفاشل قد يصبح سياسيا ناجحا...أليس كذلك ؟
- لا أبدا...السياسة مسرحية ، تضحك وتبكي ، تثير الفخر و تثير القرف ، لكن التمثيل أسمى
من أن يكون سياسة...
- أستاذ...ربما إبتعدنا عن الموضوع ، والمشاهد قد تختلط عليه الأشياء...
- أتفق معك ...فالمشاهد الكريم ، يفهم السياسة عندما تكون تمثيلا ، ولا يدرك التمثيل عندما يكون
سياسة...
- كيف ؟
- أغلبية المجتمع جاهل وأمي ، تشغله أشياء بعيدة عن التمثيل والسياسة ...والحكام..
المذيع مقاطعا :
- المعذرة سنعود بعد الفاصل...
- حسنا ...
الحوار الثالث :
كان الأستاذ أكثر وقارا ، وتساءل الطالب بحماس وإنفعال زائد :
- يا أستاذ ، لم أفهم كيف يمكن أن يكون العنف طبيعيا ...
- إنه الأصل وليس الفرع ،في الطبيعة والبشر ...
- لا ...لا..لازلت لم أستوعب ، أتريد القول أن الإنسان بطبعه عنيف ...ويبدي العكس ؟
- أكيد...لقد إرتبط العنف كأساس للحياة في حالة الطبيعة ...
- تقصد أن العنف توارى للخلف....في حالة الثقافة ليصبح فرعا وليس أصلا ...
- هذا هو الشائع ...لكن الحقيقة أن العنف ظل هو الأصل ، لكنه أخذ طابعا ثقافيا ومنح نفسه صورة
الفرع ...
- كيف ؟ ...الإنسان يبدي عكس ما يضمر...
- نعم ...الإنسان كائن منافق وكاذب في حالة الثقافة ، وصادق في حالة الطبيعة...
- البديهي أن الثقافة تضع حدا للعنف ،أو على الأقل تخفف منه...
- تصور خاطىء ، العنف يتطور وتتنوع مظاهره بتطور الثقافة ، والثقافة تمنح العنف المشروعية
التي إفتقدها في حالة الطبيعة ...
- كالحروب مثلا ؟
- الحروب ليست سوى جزء بسيط من رغبة الإنسان المدمرة والتي يخفيها ، إنه الوحيد الذي خلق
ليدمر نفسه ويدمر باقي الكائنات...
نظر الأستاذ للطالب مليا وقال :
- عنف الثقافة عدالة تبحث عن شرعية مفقودة...
- والثقافة العنف ؟
- إنها يا بني ظلم يريد التخلص من فقدان الشرعية…
الحوار الرابع :
إستلقى إلى جانبها و وضع رأسه على صدرها و قال بصوت خافت :
- عندما أكون إلى جانبك أحس بسعادة عارمة ...
- السعادة...وما السعادة ؟
- لا أعرف ...إحساس غامض ...عصي على الوصف ...
- كيف تعيش شيئا ليس له معنى و لا تدرك له تعريفا ...
- كفى فلسفة ...أنا أملك كل شيء ..أنا في غاية السعادة ...
- أنت واهم ...إمتلاك الشيء يفقده قدسيته و معناه ...هكذا يقول المنطق...
- ماذا تقصدين ...الإحساس بإمتلاك السعادة يعني في الواقع فقدانها ؟
- الحقيقة...السعادة هي التي تفتقدك عندما ترى أنك توهمت إمتلاكها...
- إذن أنا واهم ...أفتقد شيئا أعتقد أنني أمتلكه ، وأمتلك شيئا أنا في الواقع أفتقده...
- أكيد ...إن السعادة الحقيقية هي الإقتناع بعدم القدرة على إمتلاكها ...
- هذا يعني أنني لا أمتلكك ...وأنت بجانبي ...
- طبعا لا...لا...لاتمتلكني ما دمت أنا أفتقدك ...
تحسس بطنها العاري وقال في نفسه :
- أقصد سعادة الإمتلاك وليس إمتلاك السعادة ...