إضـراب – قصة : حميد بن خيبش

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

education-anfasseكانت أعينهم البريئة مشوبة باستفهام غريب ..لأول مرة تطرق هذه المفردة  أسماعهم .. تحاشى النظر إليهم وهو يصر على الوقوف بمحاذاة الباب غير آبه باصطفافهم المتعب في انتظار الدخول ..
- يا صغاري أنا أخوض إضرابا لذا سنؤجل حصة اليوم إلى أجل لاحق ..
تبادلوا نظرات الاستغراب ثم سرت همهمات طفولية تفكك العبارة لتحدد المبهم منها ! .. تماسك كي يخفي حرجه وتوتره ..ليتهم ينصرفون .. في الخلف صبيان يتدافعون ليُسندوا أكتافهم على الحائط .. حدجهم بنظرة قاسية  , وقبل أن ينبس بكلمة تذكر أنه مُضرب !
- تعبنا يا أستاذ..هل بإمكاننا الانصراف ؟

تعثرت الكلمات وارتطمت بسقف اللهاة ثم ارتدت الى الخلف ..خجلى ! كيف يأذن لهم وهو الذي قضى سنوات ينفث في روعهم قيمة الوقت وجدوى الحياة و حكمة الوجود ؟ ..كيف يصرفهم وهو الذي لم يَضِن  يوما بوقته أو جهده ليربيهم على الجود بالنفس و البخل بالوقت ..ويعلمهم أن الأمة التي تهدر وقتها  لن يعز عليها أن تهدر ثرواتها , وتبدد كنوزها , وتستهين بسواعد و أرواح أبنائها  .. كيف يزيح من عقولهم الغضة لوحة القديس المنقوشة ببراءة ليُثبت صورة الكهل المثقل بأعباء الحياة ؟
بدت الصبية الواقفة بجواره مرتبكة وهي ترفع اصبعها لتسأل بصوت مرتعش :
أستاذ , لم أفهم معنى كلمة إضراب\
- الإضراب يا ابنتي هو ..
توقف فجأة .. تطلعت إليه كل الع\\يون الصغيرة تترقب ما يُشفي عليلها ..تنحنح مرتين ثم عدل ياقة قميصه وصاح بلهجة الواثق :
- قفوا مثنى مثنى ثم ادخلوا بتؤدة .. إنه دورك يا صفية لتوزيع الكراسات !

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة