خرز للشتائم – قصة : حميد بن خيبش

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasseتمنى " العوفير" لو لم تلده أمه , على الأقل بجوار ثكنة عسكرية ! , فحظه التعس ساقه إلى التجنيد , ولم يُفلح في خلق فرصة شغل بقريته المنهكة . ظن أن مثابرته و تحصيله لميزة "متفوق" في دراسته ستُمكنه من كسر القاعدة , لكن روحه هي التي انكسرت , وتوزعت شظاياها على التلال الرابضة بمحاذاة الثكنة  !
وقع في دفتر قبل أن يستلم أغراضه المكونة من مُلاءة , وبذلة عسكرية , وطِست بدا كأنه من مخلفات قذيفة !
- إنه إناء للطعام ..لكن إن داهمتك نوبة إسهال بإمكانه أن يفي بالغرض !
حدج الضابط بنظرة تتبين مقصوده , ثم قابل المزحة ببسمة جافة قبل أن يُلقي الأغراض في الشاحنة .

كانت الرحلة إلى الجنوب مزيجا من الرتابة و الإنهاك و هدر الكرامة ! . بدا المسؤول عن التدريب فظا للغاية , لم يستغرب الأمر .. فعشرات القصص التي يرويها سلفه من شبان القرية تُفيد أن الطاعة تُنتزع من الجندي تحت وطأة الشتائم , لكنه عزم ألا يرضخ للإهانة , فمثابرته و تحصيله لميزة "متفوق" في دراسته تنم عن وعي بالاحترام الواجب للأعلى رتبة ! ولن تكون الشتائم سبيلا لترويضه أو تمريغ أنفته في الوحل .
تفحص المدربَ الفظ فانفلتت ضحكة ساذجة أيقظت زميله من غفوته ..وجه مدور يحتل الشارب الكث ربع مساحته .. وكرش تحاول جاهدة التخلص من أزرار القميص ! تذكر المارينز في أفلام هوليود بوسامتهم المغرية و عضلاتهم المفتولة , فانفلتت ضحكة أخرى أشعرت المسؤول أنه موضوع تهكم !
قبل ان يُغادر زنزانته الانفرادية  مُنهكا ذات صباح , سلمه الحارس مظروفا من الوالدة . بعد التحية و السلام دعوات وشوق , وتوصية بحفظ اللسان وتعليق خرزة  الوقاية من شر العين . تأمل الخرزة الملفوفة بعناية داخل المظروف ثم زفر بغيظ مكتوم منذ دخوله الزنزانة . همس الحارس في أذنه بحذق الناصح الأمين :
- لا تنس أن تُطمئن الوالدة ..و اسألها خرزة ..للشتائم !

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة