البـــيدق ـ قصة : حميد بن خيبش

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

agri_anfasseلم تكن "هنية" على علم بما يجري ..
بدا الزفاف عاديا , ونزولا طيعا عند رغبة أب عاشت هنية دوما طوع بنانه . أما الأب الذي  لازمه لقب "البيدق" حتى خفي عن القرية اسمه الحقيقي , فكانت تعلو محياه ابتسامات ذابلة.. يوزعها يمنة و يسرة على  حضور تنضح أساريرهم بعطر الشماتة !
لم يجرؤ أحد من الأهالي أن يحتال على البيدق يوما أو يغنم منه خُطام بعير ! فالرجل رغم قصر قامته , و ضمور بنيته إلا أنه يتصدر أخبار القرية و أسمارها . فالضحايا كـُثــُر , و المقالب تُنبيك عن دهاء غير عادي .
كان اليـُتم شفيعه لدى أهل القرية ليتولى رعي قُطعانهم لقاء دراهم معدودة , لكنه سُرعان ما كشف عن مواهبه ليُصبح تاجرا للمواشي ثم مسؤولا عن تموين الثكنة العسكرية المجاورة بالزاد والأفرشة .وكعادة أثرياء الطفرة الكاذبة, سُرعان ما اجتـالته شياطين المدينة ونادته مفاتنها : هيت لك  !

عاد إلى القرية رُفقة صبية كالبدر ليلة تمامه ! صدق الأهالي توبته وعزمه التفرغ لرعاية ابنته فتولت أياديهم البيضاء سد حاجة العائدين بعد طول غيبة . كان المشهد قبيل الغروب مَكرُمة تعالت على الوصف  .. سلال خضر و أكياس قمح  تفد على البيت المتواضع من جهات القرية الأربع ! حتى " أمي زهرة" التي تعيش على الكفاف زينت جيد هنية بقلادة من الخرز الملون .
لكن البيدق سرعان ما كشف عن مواهبه مجددا ليُقنع شباب القرية بالعائد المُغري للهجرة ما وراء البحر , فانسلوا تباعا حتى خلت القرية من ساعد يُباشر الحرث و البذار ! و أسرع البيدق إلى تمكين الأهالي من الجرارات و المحاريث العصرية لقاء سداد مؤجل .حتى إذا ناءت الكواهل بعبء الديون , تطوع البيدق للسداد لقاء حيازة مؤقتة للأرض,  ريثما يعود ابن مهاجر أو تصل حوالة منقذة !
خيم على القرية همود مهيب..
بدت كأن غاصبا استل روحها ..
الخضرة و بيادر القمح غدت مثار حسرة في نفوس الأهالي , فعما قريب سيجلب "البيدق" حمالين لنقل خيرات القرية إلى سوق الجملة  حتى يستوفي ديونه ,  ويُمكن الأهالي من قروض صغيرة تسد الرمق .
تنبهت شياطين المدينة مجددا للبيدق فاجتالته.. لكن ..في عقر داره !
دُبرت له المكائد تباعا للنيل من دهائه وغنائمه , و ترنح هو مرارا تحت ضربات كادت أن تُفقده صوابه , حتى إذا ضاقت عليه السُبُل قصد كبيرهم لينقاد مُرغما لشروط اللعبة و يُقدم هنية ثمنا للإبقاء عليه و على ..مواهبه !
طبعا ..لم تكن هنية على علم بما يجري ..
فقد بدا الزفاف عاديا , ونزولا طيعا عند رغبة أب عاشت هنية دوما ..طوع بنانه !

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة