النادل و القهوة - قصة: غزلان شرعي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

وقف النادل مستقيما ومشرقا كالبدر
..ماذا تطلبين سيدتي ؟
هذا السؤال جعلني اسرح عميقا وليس طويلا...لان الوقت لا يسمح بذلك طبعا
الجواب الذي أحسسته وأحببته كثيرا...هو أن أعود بضع سنوات للخلف...أو بالتحديد عشر سنوات...أريد أن أعود في العشرين من العمر...هذا السن لطالما أحببته وأحسسته كثيرا
اشتقت إلى جمالي ونضارتي إلى فرحي البسيط وأحلامي الرقيقة العفوية ...إلى مشاكلي الصغيرة الخبيثة
اشتقت إلى مقاس خصري النحيل ..النحيل جدا

من أين اكتسبت هذا الوزن لست ادري ؟ من أنا ؟
لا اعرفني ...من أين أتى هذا البطن الضخم ...عجيب هذا الزمان..كيف تلتصق بنا أشياء لا تخصنا ولا تشبهنا ...فمثلا هذا البطن البشع لا يشبه روحي الرشيقة
وهذه الشعيرات البيضاء ليست لي ...من أين أتت ومن غير موعد ..عجيب هذا الزمان
قهوة سوداء من فضلك ..وفي أعماقي أنا عازمة كل العزم أن أضع بها قطعة ونصف من السكر...قرار حكيم ! أليس كذلك ؟
على ذكر القرارات ...كل قراراتي لم تكن بمحض إرادتي أنا لم اختر شيء أي شيء عن اقتناع أو حب .. وخاصة الحب
لم اختر مهنتي لأنها اختارتني ...ولم تكن هناك العديد من الفرص..بالكاد وجدت هاته الوظيفة المتواضعة ..وليس كما تقول الشعارات لكي أتبث الذات أو كي اكتسب خبرة ...أو كي أرقى بمستواي
عملت بجهد كي لا أموت جوعا
ربما هذا النادل الوسيم أفضل حالا مني ...على اقل أنا أرى إشراقا جميلا في عينيه
وأيضا على ذكر الإشراق منذ زمن بعيد انطفأت الاشراقة من وجهي ..لا اعرف أين ذهبت لكنها رحلت
يمكن أن تكون رحلت مع شخص أحببته ولم تنجح القصة ورحلت كما ترحل الطيور الجميلة إلى أماكن أفضل من حيث الظروف..أي إشراق غبي قد ينور وجها لا يعرف كيف يبتسم...وعموما الابتسامة ليست بشيء مهم لامرأة في الثلاثين بقدر ما يهما خلق التوازن بين البيت والعمل والأطفال
من الواضح أن القهوة من النوع الجيد لأنني اشتم رائحتها قبل أن تصل..تعالي أيتها الغواية الأبدية...ما أجملك حين تقهرين هذا الصداع والقلق الجاثم على صدري
قهوة مناسبة...ونادل وسيم
هل كل النساء المتزوجات ترين كل الرجال وسيمين إلا أزواجهن ؟! أم أنا فقط..أو لربما لأنني لم أتزوج عن حب ...وماذا يعني هذا لست الأولى ولا الأخيرة...حتى صديقاتي اللواتي تزوجن عن حب كبير يجزمن الآن أن الحب توقف وحلت مكانه أشياء أخرى عميقة...فارغة لا معنى لها وقد تكون العذر الزائف للاستمرار كالمودة والرحمة..لندقق في العبارتين مودة رحمة ..لم أحس يوما معناهما .. مثل عبارات ..الآخذ والرد..المد والجزر..المودة والرحمة..هاجوج ومأجوج...القسمة والنصيب..عبارات صحيحة لكنها فارغة من المعنى تعود اللسان عليها كما تعودت على زوجي وتعودت الصديقات على أزواجهن
لكنني أحب أطفالي حبا كبيرا جدا...لقد جندت كل الحب الذي بذا خلي للأولاد
أنا لم أحب عملي كما يجب ولم أحب زوجي كذلك كما يجب..هو لايعلم لكنني مخلصة له ..أنا لم أخنه ولم أفكر في احد سواه يوما...على الأقل أنا عادلة معه ...عمل صالح قد يدخلني الجنة ولكن إذا ما كتب فعلا ودخلت سأطالب بحقي بإعادة الاختيار لأنني استحق وعزائي أن هذه الحياة فانية...على اقل انشد السعادة في الخلود الأبدي.
.قطعة حلوى بالشوكولاتة اللذيذة  ستكون رائعة مع فنجان القهوة هذا
من فضلك هلا أحضرت لي قطعة حلوى بالشوكولاتة أيها النادل الصغير ..النضر ..الجميل..طبعا العبارة الأخيرة بيني وبين نفسي
بيني وبين نفسي تحدث صراعات غريبة
أنهيت قهوتي ...الحساب من فضلك
غزلان شرعي

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة