حـكــايات – قصة: مبارك السعداني

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

(1)
قبع باعروب فوق التلة يتابع ذبابة مسخوطة تسعى للإغارة على عينه اليمنى التي لم يعد يرى بها شيئا.نش عليها مرارا لكنها ملحاحة.تذكر زوجته المريضة التي أنهكته بزيارة الأضرحة وأولياء الله الصالحين.الذبابة النزقة قطعت شريط تفكيره،نش عليها ثانية بعصبية زائدة.تراءت له ابنته الصغيرة في بيت صديقه زوجها تغالب الضنك في بيت كثر أفراده وقلت موارده.تذكر نصيحة صهره :-ابحث لك عن صبية تعيد لك شبابك الضائع...

عادت به الذكرى إلى المدينة الكبيرة وتقلبه في مهن شتى وقبوله للإهانات مخافة العودة إلى الدوارالمنبث بين الجبال.حبه الأول كان هنا ابنة عمه الجميلة التي سطا عليها "أمغار"  وضمها إلى نسائه كما استولى على أرض أجداده وضمهم إلى باقي ضحاياه...ابتسم وهو يرى شابا يستشيط غضبا  يتسلل تحت  جنح الظلام بعدما أشعل حظيرة أمغار نارا حامية.عادت الذبابة النزقة للإغارة على العين اليمنى دون أن تجد من ينش عليها...
(2)
انتشلتها أمها من بين صويحباتها، لم تترك لها الفرصة لأخذ دمية القصب...استغربت،وأمها تجرها من يدها، من أين لها كل هذه القوة وهي التي ما عرفتها إلا مريضة تقضي معظم أوقاتها طريحة الفراش أو متنقلة بين الأولياء والصالحين.انتبذت بها أمها مكانا قصيا من البيت، جردتها من أسمالها بدا لها جسدها الأسمر ضحلا أكثر من اللازم... صبت ماء دافئا على رأسها وأخذت تخلل شعرها مرددة تعاويذ ودعوات...
ألبستها ثيابا بدت فيها أكبر من سنها بكثير، زينت وجهها ببعض المساحيق... أرتها وجهها في المرآة،قبلتها وهي تردد :
– آ فرحتي بنتي الزوينة ولات عروسة .
طرق الباب،تحرك والدها يجر خطاه، فتح الباب وتسلم من يد صاحبه با عبد السلام قوالب السكر.قاده مرحبا إلى "المصرية" حيث يستقبل الضيوف.بعد لحظات التحق عمها بوالدها وضيفه شربوا الشاي أدوارا قدم لهم العشاء ... بعد قراءة الفاتحة قام با عبد السلام من مكانه متوجها نحو باب البيت تبعته عروسه .قبل أن تخرج سلمتها أمها صرة فيها عدة زوجة جديدة...
(3)
يتمسك بتلابيب أمه وهو يبكي.تحاول باسمة أن تفلت طرف ثوبها من قبضته الصغيرة لتستر ساقها.يزداد تمسكه بطرف الثوب الذي يكاد يتمزق.بخطى متوثبة تذهب إلى "الكشينة"،يتبعها...يتوسل إليها .تتظاهر بنفض السخام اللعين عن بعض الأواني.تزم شفتيها الصغيرتين وتنفخ : - تفو هذ  الحموم طلانا...
يصيح متوسلا :- بغيت أيما نمشي للجامع مع الدراري... تتشاغل عنه وتضع بعناية الخبزة في الكانون محاولة ان لا تلفحها ناره. تسرع إلى غرفة والدها المريض تعدل الوسادة تحت إبطه تعيد السبحة إلى يده وتقبل رأسه...
يحاصرها مرة أخرى ملحا من وراء دموعه وتوسلاته. تتساءل كيف تحرم فلذة كبدها من الذهاب إلى الجامع مثل أقرانه بسبب الشيبة العاصي المسمى الفقيه.ضمت ابنها الصغير وقبلت رأسه .غدا الأربعاء سأرسل ابني مع أولاد مولاي علي إلى الجامع ليحفظ ستين حزبا ويكون فقيها بالمعقول ...في الليل حكت له الحكايا حتى نام. تفقدت والدها دعا لها كالمعتاد...
في الصباح قبل يد جده دعا له بالنجاح.تسلم البيضة من أمه بعناية ،قبل يدها وانطلق مع أقرانه الى الجامع. لما آن دوره وضع البيضة في يد الفقيه تشممها وضعها بمعزل عن غيرها وابتسم بمكر.أمره أن يجلس في الصف الأمامي حتى لايفارق عينيه ويحظى بعنايته...

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة