عن منشورت دار طارق للنشر صدر مؤخرا للكاتب والقاص المغربي أحمد بوزفور مجموعة قصصية بعنوان "نافذة على القلب" وهي العمل السادس بعد الأعمال القصصية التالية : النظر في الوجه العزيز" سنة 1983، و "الغابر الظاهر" لسنة 1987، و"صياد النعام" سنة َ1993 و"ققنس" سنة 2007 و"ديوان السندباد" سنة 2010 و "قالت نملة" سنة 2010.
وتضم المجموعة القصصية إثنى عشر قصة قصيرة في خمسة وسبعين صفحة من الحجم المتوسط، وتشمل العناوين التالية: المكتبة، شخصيات خاصة جدا، التعب، الوحشة، الحزن، البكاء، الحب، الفرح، الصمت، الظل، الشك، الكهف.
نافذة على الداخل، عتبة انطلاق نحو الذات ممتطية شراع الذاكرة، الذاكرة الفردية والجمعية، ذاكرة بأحلامها، بآمالها، بخساراتها، ذاكرة تتمسح بفعل القص الضارب في تربة الثقافة العربية المنفتح على الثقافات الكونية، لهذا نجد القصص الإثنى عشر تستحضر أحداث فارقة في التراث الأدبي العربي وأسماء فاصلة في السرد القصصي العالمي من خلال إهداء نصوص قصصية لكل من "ماريو بينيديتي، فرجينيا وولف، زكريا تامر، هذا دون اغفال تطريز النصوص القصصية بأقوال لكل من فولتير و ماشادو دو أسيس، قول يفتح شهية القارئ ليتلقف الحكاية والدخول لعوالمها عبر بوابة الداخل من خلال ثقب (صورة الغلاف) الذي استحال إلى نافذة.
نافذة، كوة، ثقب، بؤرة فوتوغرافية، ماهي إلا عين القاص أحمد بوزفور، يتحكم فيها باحترافية الكاتب، الأديب الموسوعي، السارد، القاص، المتمكن من أدواته اللغوية والأسلوبية، لغة راقية وإن ضمنها لغة دارجة استدعتها يوليفونية قصصية، تمازج أساليب متعددة تنهل من المحكي العربي في تعدديته الإجناسية، الحكاية الشعرية، المقامة، ألف ليلة وليلة، الحكاية الشعبية. . .، في تناص عميق ومتناغم يتمثل الإرث الأدبي في بعده الإنساني الكوني.
نافذة على الداخل، رحلة تستدعي الذاكرة الطفولية، رحلة لا تهتم بالطريق قدر السير فيها والغوص في ثناياها، في لججها الحلمية والغرائبية، " (لا تحدق إلى الطريق. اسلكها) يقول بيسوا، لكنني أحدق فقط، ولا أسلك أي طريق."، "… لكنني أعرف المسار: في الخامسة عشرة من عمري تزوجت جنية. كانت تسكن مع عائلتها في مرجة الماء. اختطفتني ذات ليلة وأنا عائد بالماشية من المرعى." ص:61، إنه المسار، في نهاية المطاف هو المحدد للرحلة، الرحلة المؤطرة بالشك ولا تطمئن لشيء إلا لمسارها.
نافذة على الداخل، قصص تتوسل بتقنية النص والشذرة، لما لا حتى عوالم الهايكو من خلال إدراج أسطر شعرية والتي تتحول إلى قصة شعرية، كوعي بالكتابة في أقصى تجلياتها.
نافذة على الداخل، قصص تتشكل من خلال لوحات تشكيلية تحتفي باللون، لون الماء، لون البحر، لون الحقول والمراعي، لون شقائق النعمان ...، ألوان منفتحة على تعدد الدلالات التي تحفل بها النصوص القصصية من خلال الثيمات المشتغلة عليها.
نافذة على الداخل، نصوص قصصية، تتهجى الفرح من خلال خوض لعبة التساؤلات المفتوحة على الذات∕ الداخل والواقع∕ الخارج، تساؤلات تضع الأحاسيس الفياضة والأحلام الفراشية، والمتع الذهنية والمعرفية في وضع التحقق عبر رحلة الداخل/ الخارج من خلال القبض على الشظايا المكونة للحياة، " أوقفت البحث مع أول نغمة سمعتها، كنت أبحث في الراديو عن موسيقى هادئة تصاحبني وأنا أقرأ في ديوان شعر قبل أن أنام. لماذا أوقفت البحث؟ بل لماذا أغلقت ديوان شعر وأغمضت عيني؟ لأتفرغ للاستتماع∕ الاستماع؟ لماذا؟ ما الذي في هذه النغمة الأولى استوقفني؟" ص: 43
إنها نافذة على الداخل، " عالم سيكولوجي عبر الكتابة، بما يحتويه الداخل من خلجات ومن عواطف نفسية تمور، تهيج، تخبو كشمس سيدنا إبراهيم...، هذا ما أسره الشاعر الأديب أحمد العيناني ذات مساء رمضاني.