ياسمينا خضرا متقمصا شخصية القذافي روائيا - حمزة الذهبي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

بأسلوبه الذي لا يخلو من تشويق ومتعة ، يكتب ياسمينا خضرا ، الذي يعتبر من أبرز الكتاب المعاصرين العرب الذين يكتبون باللغة الفرنسية ـ رواية تحت عنوان : ليلة الريس الأخيرة تنضاف إلى أعماله الروائية الأخرى التي أسالت مداد أقلام الكثير من  الناقدين والباحثين والصحفيين المهتمين بهذا الجنس الأدبي الإبداعي .
لكن أولا من هو ياسمينا خضرا ؟

هو كاتب جزائري ، يكتب تحت إسم مستعار –هذا الإسم المستعار ياسمينا خضرا ، هو إسم زوجته – أما إسمه الحقيقي هو محمد مولسهول  ضابط  في الجيش الجزائري لأكثر من ستة وثلاثين سنة .. تخلى  فيما بعد عن لباسه العسكري من أجل أن يتفرغ للأدب والإبداع .من أشهر أعماله نذكر على سبيل المثال لا الحصر :

  • بما تحلم الذئاب .
  • مكر الكلمات .
  • القريبة ك .
  • الصدمة .

نال عديد الجوائز ، حظيت أعماله بشهرة واسعة وترجمت  إلى عدد لا بأس به من لغات العالم  .

2

بالرجوع إلى روايته هذه ، ليلة الريس الأخيرة ، التي قيل عنها  ، بأنها من أكثر الروايات الصادرة-  في سنة صدورها - إثارة ، فيروي فيها الكاتب تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ...

متقمصا شخصيته ، خالطا بين الحقيقة والخيال ، مزاوجا بينهما ، كاشفا عن طفولة القذافي البئيسة التي لم يستطع التخلص من أثرها ، متطرقا إلى مخاوفه التي لا حد لها  ، سابرا أغواره  قدر المستطاع ، مظهرا تضخم أناه ...

في هذا السياق  يقول ياسمينا خضرا على لسان شخصيته :

  • لا أحتمل أن تناقش أوامري ، وأن تكون أحكامي موضع تساؤل (..) ما أقوله كلام منزل ، وما أفكر به نبوءة .

ثم في موضع آخر :

  • أنا الأخ القائد ، البصير المعصوم عن الخطأ ، المولود من معجزة..

ثم في موضع آخر من الرواية  :

  • ما من إهانة أسوأ من الشك وأنا حاضر ، إستمراري على قيد الحياة دليل على أن ما من خسارة قد حلت ، أنا معمر القذافي ، هذا وحده من شأنه تعزيز الإيمان ، أنا الذي بواسطته يأتي الخلاص ، لا أخشى الأعاصير ولا حالات التمرد والعصيان ، تلمسوا قلبي إذا تجدوه يضبط الحركة المحسوبة لتشتت الخونة.

إن الله إلى جانبي

فاضحا جنونه وهواجسه ، جاعلا القارئ يتصارع في داخله  بين التعاطف والنفور من هذا الشخصية الاستثنائية  التي صورها ياسمينا خضرا بطريقة لا تخلو من التشويق .

3

 هنا أسأل نفسي : هل جعلني الكاتب أنغمس كقارئ / كمتلقي  في الشخصية حد التعاطف معها والشفقة عليها ؟ 

هذا أمر لا شك ولا جدال فيه . أليست هذه هي وظيفة الأدب ؟ بمعنى أن الأدب يجعلنا نتعاطف ونشفق على الشخصيات الشاذة والتي لم نكن لنتعاطف معها في الواقع بأي شكل من الأشكال نظرا لما إقترفته من جرائر لا تغتفر .

ولعل هذا أحد الأمور التي دفعتني للكتابة حول هذه الرواية ، فأنا في البداية لست ناقدا ، إنما كاتب هاو و قارئ نهم للكتب ، أقرأ منذ أكثر من تسع سنوات كل ما يقع تحت يداي من كتب، وفي طريق القراءة هذا ، التقيت شخصيات روائية  لا تعد ولا تحصى  لكن  شخصيات روائية قليلة فقط ظلت عالقة في ثنايا الذاكرة عصية على النسيان ..هنا سأسوق بعض الشخصيات على سبيل التنويع والمثال لا الجزم والحصر :

  • زوربا الحكيم  ، للكاتب اليوناني نيكوس كزنتاكيس .
  • العجوز سنتياغو للكاتب الأمريكي هيمينغواي
  • مارسو اللامبالي  ، للوجودي الفرنسي ألبير كامو.
  • راسكولينكوف للكاتب الروسي دوستويفسكي..
  • جان فالجان ، للكاتب الفرنسي فيكثور هيجو .
  • سعيد مهران في اللص والكلاب  ، وكمال في الثلاثية للكاتب المصري الفائز بجائزة نوبل للأداب نجيب محفوظ  .
  • دون كيوشت للإسباني سرفانتيس ..

وما أنا متأكد منه ، أنه ستنضاف إلى هذه الشخصيات ، شخصية معمر القذافي الروائية كما رسمها المبدع ياسمينا خضرا .

والدافع الثاني لكتابة هذه الأسطر ،  يتجلى في أني أحب هذا الكاتب ، طريقة سرده مميزة بشكل لا يوصف ، فمذ تعرفت عليه أول الأمر من خلال روايته القريبة الكاف ، جذبني إليه بسحره إن صح التعبير ، لأجد نفسي منغمسا في تلقف أعماله والإطلاع عليها وأنا منتشي أيما انتشاء . عموما أتمنى للذين لم يقرؤوا هذه الرواية ، أن يسارعوا إلى الإطلاع عليها... فهي لا تخلو كما أسلفت أعلاه من المتعة والإثارة.

  قراءة ماتعة

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة