أداعبُ وهمي
في ركن البرود
من خبايا روحي
العنيدة
أهاجرُ عنها بعيدا
على الأقل
خطوتين
لأطل على جبل الكدر
و أقلِّبَ أوراقيَ العتيقة
أغرق
أو أذوب في شموعي
أبكي مرتين
أولى على غياب الأحبة
وثانيهما على نفسي
دمعتين
أقرأ أسماء من رحلوا
عنّي
واستداروا يوم العاصفة
نحو السماء الملبدة
وتركوا لي
من الزمن
ساعتين
إحداهما لاندفاعة صبر
وأخرى لضجر
ويأس
وثالثة فارغة
أرى ومضتين
تصل إحداهما إلى أعلى
وثانيهما إلى واد
ليس ذي زرع
ولا نبع
***
ألفتُ العلَّة
كقومي
بل صارت جزءا
منّا
زمرة دمنا
لون أحداقنا
شعرنا المجعد
جلدنا الجاف
طرقاتنا
هي لا شيء غير الفراغ
نأكله مع طعامنا
نتنفسه مع الآزوت
ونزفره مع صرخات أطفالنا
***
في زاويتي تلك
لم أك وحيدا
كان قبلي وبعدي
آخرون وحيدون أيضا
جرحى
وشبه أموات
لكنّي لم أر ناجيا واحدا
ولم أسمع من نبض الحياة
إلا أنينا
يا تُرى أين هم الأحياء؟
أصاروا كلهم أشباها
وصور
هل ملّوا الرحلة الطويلة
أم تدثر بهم النور
فلا عين تراهم؟
***
تكورت حول قلبي
فغدوتُ أصغر من همِّي
انتظرتُ
عامين
وربما أكثر
بحثت في ذاكرتي
عن كلمتين
للحبِّ
عن عيون جميلة
عن صديق
عن قوافي لا تصدأ
فما استطعت سبيلا
إلا إلى
غربتين
بلى رأيت شيئا معلَّقا
في مكان قريب
كان يشبه
آلة موسيقية سورية
حاولت امتطاءها
رغم غرابتها
سألني العُقابُ
أ هكذا يكون العزف؟
لا أدري
تمتمتُ:
حين يعبث القدر ببلاد الفقر
نغني بقدور الطعام
ونفرح بالموت
نركب أراجيحه
ويصبح الفرق
بين أغنية وفراق
غير مرئي
فلم لا نصعد إلى
ظهر تلك الخشبة؟
ونشرب نبيذ الفشل
ثم نغتسل بماء التاريخ المجيد.