في نحاس الهيكل الخلفيّ كنّا
لم تكن إلاّ بقايا
وحكايانا تلوحْ٠٠٠
مرجلٌ من عنبر كان يفوحْ
ومرايا٠٠٠وقلادات حزينه
وسيوفٌ سرقتْ ذات مسا
من خزانات سبأ٠٠٠
كاهن يقضم عشبه
ويغنّي للسّبايا٠٠٠
مدّ لي من خمره
قد تكبّدت الرّزايا٠٠٠
لم يعدْ بي من لسان كي أزورْ
عالم السّكر المعنّى أو أطيرْ
سرقوا منّي الخوافي والقوادمْ
وسريري قذفوا ألواحه في دجلةَ
ووشاحاتي حريري٠٠٠
لوح نوح أرهق الرْكب قلاعهْ
والسّواري٠٠٠
وأخافْ يغرق العجل المقدّسْ أو يموتْ٠
كاهن يمتصّ في صمت بقايا
عطر توتْ
مدّ لي من نشره٠٠٠
قلت يا مولاي إنّي نذرتْ
من كلامي للسّكوتْ
من سهادي لرقادي
من صلاتي للقنوتْ
لا يخاطني طعام
لا تعمّدني عطورْ٠٠٠٠
٠٠٠٠
بلبل كان يطيرْ
وحزيناً كالمغيب
دمعه كان سكيبا وأغانيه نعيبْ
مدّ لي من ريشه سبعا وقالْ:
اتبعيني ،واحذري الان كلاما وابتساما
٠٠٠٠٠
خندق كان وسيعا
ومهيبا كالقبورْ
كاهن كلن يصلّي للدهورْ
لم يسّم ،لم يكلّم ،
مغمض العينين كانْ
وعلى جفنيه بانت بعض آثار السنينْ٠
قال لي:هيّا تجلّيْ فوجلتْ
قال لي :هيّا تسمّيْ فارتجفتْ٠
قلت يامولاي إنّي من دثاري قد بعثتْ
يا قفارا كم قطعتْ
يا سرابا كم شربتْ
في صحاري البدو تهت مرّتينْ،
باعني تاجر عاج
فاشترتني كيلوباترا
ثم أهدتني لكسرى فهربتْ
ثمّ متّ ميتتينْ٠
من خيوط الكفن المغبرّ قمتْ
وعشقت الشنفرى
حطّني مابين جلده والقصيده
وتساوى عنده في وجده
عر السير حثيثا والسّرى٠
حطّنا الحبّ على ماء الفراتْ
ولا الميقات أسعفنا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
تواعدنا٠٠٠توالهنا٠٠٠
نعانقنا إلى حدّ الذهولْ٠٠٠
دمعة حطّت على كفّي نمتْ
نبت الأبّ شهيّا والنّخيلْ
والتي حطّت على النّهد بدتْ
أروة خمرية الأحداق ،
والخدّ أسيلْ٠
ثمّ غاب الشنفرى٠٠٠
٠٠٠٠٠٠٠
كم دهور قد ترقّبت حبيبي
كم نذورقد وهبت
كم بخور قد نشقت
وخمور قد أرقت
عند أعتاب المعابد
عند أحجار القبور٠٠٠
وأنا آتيك يا شيخ الزمانْ
أبحث السّاعة عن وجه حبيبي
عن محار من محارات كلامهْ
عن مهاة هدّها الشوق فتاهت
في فيافي شعره
عن شعاع الشمس إذ تسطو على أرض العروضْ
أو تهامهْ
عن يمامهْ
سجعتْ فجرا بديعا
في ثنايا قبرهِ
٠٠٠٠٠٠٠٠
صمت الشيخ طويلا ثمّ قال:
اشربي ماء قرانا
وامضغي بعض رطبْ
واستريحي من عناك
مادهاك قد دهانا نحن أبناء العربْ
أبصر الليلة حظّكْ
بين أبراج السما
وغدا يأتي ردّي قبل أذان العشا
٠٠٠٠٠٠
جاءني الردّ سريعا
عندما نادى المنادي
في نداء كالحداءْ
يا ندامى الشعر قوموا
قد همى قطر الحيا
٠٠٠٠٠٠٠٠
ياابنتي قد تاه ظنّي
وأنا المعتاد ظنّي كاليقينْ
قد دعوت في الفيافي
أن يدانيني حبيبكْ
لو على بعد السنينْ
جاءني الصّوتُ حزينا
وقريبا كالبعيدْ٠٠٠
لم أزل أجهد في جمع حروفه
ليس شعرا ماسمعتْ
ليس نظما ما أتاني٠٠٠
ليس فيه من عطور البدو ريحْ
ليس شيحا وبهارا
ليس إكليلا وغارا
ليس سجعا ما سمعتْ
ليس ترتيل أيائلْ٠
ساءني الصّوت فقلتْ:
هل يناديني فصيحْ؟
قال :إنّي الشنفرى٠
قلتُ أنت الشنفرى؟
أين تصهال الأصائلْ؟
قال:ضاعت فرسي
قلت:أين؟
قال:في الشرق القريبْ
قلت : في الشرق القريبْ؟
قال : في الشرق الغريبْ ،وبكى
قلت : احك ماجرى
قال ،أحكي ماجرى؟
كيف أحكي ولساني قطعوه،
وجوادي عقروا غرّته
فتهاوى من ألمْ
وبزاتي نتفوا أحداقها
ومهاتي أي مهاتي
تلك ضاعت في مفازات بعيده٠٠٠
كم أصخت السّمع علّي
أسمع بعض شجاها
أو خطاها في البراري
يا سهادي، يا قرايَ
يا قفاري ،يادثاري٠٠٠
لم أزل أهذي بناسي
بخيام شامخاتٍ كالسّحاب
بنجومٍ وامضاتٍ وجياد كالشهاب
لم أجد غير سعيرٍ ،وسراب في سراب
وبقايا من حنينٍ
رجعها رجع ربابِ
سلبتْ منّي منايَ
سرقوا منّي شبابِي
فتشوّقت المنايا
وغدت أحلى ركابي٠٠٠٠