"ولكن هذه ساعتكم وسُلطان الظلمة" (إنجيل لوقا 22/53 )
هكذا نطق المسيح ساعة القبض عليه
تموتُ الشمعةُ حُرقةً
تُدْمي نوراً
ويتبخّرُ عطرها دماً
علَّقتُ نفسي على روحي خُفيةً
ومضيتُ.
وخلف أشجار السرْوِ خَشخشةٌ
يطيرُ السنونو مع الخُفاشِ
في وضحِ الظلامْ
فيتبخَّرُ السلامْ.
يصيحُ الصباحُ قبل الإصباحِ:
لِمَ تنبتُ الوردةُ شوكاً؟
لِم يتبخّرُ عطرها أساً؟
أمشي
أُهرولُ على الصلدِ الباردِ
وأسمعُ ترانيمَ وحيدةً
صدىً من قَبْو المعبدِ :
"خُذوا، كُلوا، هذا جسدي
أرميه للرياحْ"
وعلى حافةِ المعبدِ
جسدٌ تلاشى
فاغرٌ فاهُ
ينظرُ في أفقٍ غائرْ
يداهُ دمٌ برئٌ
وعيناهُ مقبرةٌ للغرباءْ.
لا تنتظرْ
اِذهبْ بعيداً،
قال لي نورسٌ ضاربٌ في السماءْ
يطيرُ على حافةِ حُلمٍ قديمْ
خَطوتُ صوبَ الشمسِ
وتحتَ صنوبرةٍ مهجوره
جدلتُ إكليلاً من ياسمينْ
ومشيتُ ثانيةً.
رُؤياي مُحاصرٌ بين ضوأينْ
لا أدري طريق التيهِ
شفتايَ مُرٌّ وسُكّرْ
أسمعُ خلف الصدى كلامَ الصدى:
" إنّهم يأكلون عسلاً مُتوحَّشاً".
يُراجع الصدى صوتَ الصدى
وأرى
لا أرى.
والرؤيا سُلطانُ الأنبياءْ
خلّصْتُ نفسي
فغابتْ روحي
في ثنايا الفراغْ
ووقفتُ في المُفترقِ
أعيدُ صوتَ القصيده:
لِمَ تموتُ الشمعةُ حُرقةً؟
لمَ تُدْم يداها سواداً؟
لمَ تبخّرَ عِطرُ الوردةِ شَوكاً؟