كتامة .. - قصة : حميد بن خيبش

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
Anfasse.orgكتامة الأسطورة.. مرفأ الهذيان !
نشاز حاد ..بين خضرة كالحة..وحصى عالق في الريح !
استلقى على سريره منهكا..كانت الرحلة من فاس الى كتامة قطعة من العذاب ..ثرثرة سائق التاكسي أتلفت أعصابه ..لم يكف طوال ساعتين عن سرد ملاحم المافيات.. و نوادر المهربين .. لم تكن كتامة يوما مجرد حقول للأخضر الموبوء ..انها ممر سحري إلى عوالم تضاهي ليالي شهرزاد الفاتنة !!
تلفع بصمته بعد أن احتد النقاش بين السائق و راكب من أبناء البلدة .. نزال ساخن حول جدوى الطوق الأمني , وخيار الاستثمار الأمثل لعشبة" الكيف" ..انتبه فجأة حين استعرض ابن البلدة تجارب من الضفة الأخرى ..أبدى إلماما جيدا بمقاربات ذكية لفض النزاع ! نبرات مديحه للسويد و مستحضرات الصيدلة تكشف لوعة حارقة ..ما الحائل دون احتواء كتامة في نسيج الوطن؟!
لاح حاجز أمني من بعيد ..فعم التاكسي سكون مريب ..حدق الدركي بارتياب في الركاب ثم رمق ابن البلدة بنظرة متوجسة تعدل ألف تهمة !
استكمل السائق مشروعه السردي بالحديث عن معاناته اليومية و المخاطر المحدقة بكل من امتهن الجلوس خلف مقود السيارة..لقمة عيش ممزوجة برائحة الموت!..وعجلات تحصد الأرواح ..وتجود للإسفلت بقرابين من لحم ودم !
بلغت السيارة مشارف كتامة ..انفرجت أسارير ابن البلدة ..استبشر خيرا وهو يذرع ببصره حقول الأخضر الموبوء !..وفرة المحصول تنسيك عناء الحصار..فرك يديه مؤملا ثروة ضخمة..أكياس من "اليورو" تنقله إلى مصاف رجال الأعمال !.
على طول المدخل انتصبت أشجار الأرز كجيش من المغول !..همود مهيب لا يشقه إلا صرير العجلات وهي تلتهم ما تبقى من أمتار قليلة ..إنها الثانية بعد الظهر ..زوال كئيب..تؤثثه نظرات متفحصة لكل غريب يطأ البلدة.
هي ذي كتامة ..لوحة منسية ..تنحت في صمت أقدار خلانها !
 
 كتامة : قرية في جبال الريف بالمغرب وهي معروفة بزراعة عشبة "الكيف"

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة