سَفَر ـ نص : عمر الأزمي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

gockel-alfredأحبَّها فجأة !!
 كانت شقراء.. وكان هو سيد البوحِ والشِّعر...
 التقيا صدفةً ذات مطارٍ ...
 رأى في عينيها شوق المحطات.. وحنينَ الموانئ..
أحبها...
                    ****
        
أحبته فجأة !!
 كان سيد السيجارات التي لا تنطفئ.. وكانت هي اشتعالَ النار بالنارِ... ندى برعمٍ لا يشيخُ ولا ينكفِئ...
 التقيا ذات رحيلٍ مُرّ... رأت فيه الوطن ...


 أحبته...
                  ****

لقهوتها مذاقُ الفجيعة الأولى.... وارتحالٌ بين  الشوق والغدرِ.. نزيفٌ من ليالٍ صامتة...

             ***

في فنجان قهوته ظلال وجوه غائبة !!
 طينه الأول/ أمه... وبقايا نساء .. شفاهٌ مزقتها الرغبةُ والحرقةُ والحنين... شظايا عطر .. نفاثات من سجائر قَطَّعَتْ لُفافاتِها من لظى الحرائق...
شوقين للذي كان.. للذي ليس يأتي...

                   ****    
                    
عمرين بينهما ... حَرَّكَتْ قدمَ الغواية... هاج فيه السؤال/ الرغبة ...
"خريفَ العمر!!" -قال- ...
"ليلتنا!!"  -قالت-....
واستمرا في تبادل الصمت...
                 
                     ****

هواء الرحيل ينسحب من صميم الغبطة... يغلف خوفهما من غدٍ...
 ينسيان موعد طائرة لا تجيء...
 كلاهما هام بصاحبه، وجفَّ في فمه مذاقُ انتظارٍ للذي كان...
زوجها لم يأتِ بعدُ ... لحفيف بوحه الليلي مذاق غامض.. وهي تهوى الوضوح... لا تحب نيرانه التي تتلظى من تحت جبالٍ من هشيم..

                  ****
زوجته لن تأتي... لم تعدْ تأتي مُذ واراها الموت وراء حجاب الروح.. بعيدا.. بعيدا.. أبعد من رخام القبر الذي لا دفءَ فيه ولا قلب له!
                        
                       ****   
        
"رياحينا.. ورودا من رياحين لأجل ليلتنا المشتهاة سيدتي... " – قال صمته-...

يئز الشوق والرغبة نظرتَها المتعففة..
 جال في زوايا روحه المعتمة قبس..
ازرقَّ فيه غورٌ دافئٌ مثل لون السحر الذي ترتدي.. كان زمانٌ لم تتمترسْ فيه وراء سلاحها الأزرق... وها فعلتْ.. وها تُحصي كلومَ شهيدِها الأعزل!!
فعلتْ فيه فعلَ السحر... دوالي الخمر/ رموشها.. بحار النور والنار / عيناها...
 
                        ****
وقفتْ ..
قبلته بنظرتها...
 لم تقل شيئا.. ( قالته .. ) !!
ومضتْ..
لملم وطنا من حقائب كيما يسافر... وسار وراءها لا يلوي على شوق...  
" طائرته" –قالتْ- ...
"طائرتي" قالَ...
            
                    ****
وافترقا...
                   ****

قال لنفسه: " إن النساء اللواتي... لا يأتين فرادى..."
لم يصدق ما قال !!
 وامتطى خيبته وطائرته...

                 ***

قالتْ له: " زوجي... لشدما انتظرتُ غموضك الليلي .. طائرَنا المحلق في زوايا الروح"...
لم يصدق..
 طَوّقَها... "ربيعَ العمر"- قال-..
"ليلتنا" – قالت-...

                 ****
لِلَيْلتِه بخورُ الذكرى القريبةِ... ريحٌ مسكٍ من اللهفة إلى امرأة كانت هناك بجانبه..
هز كتفه...
لم يعد لي هنا من وطن ، ولا أبغي ريحَ امرأة تُذكرني بالذي كان..
نسيها فجأة !!
  أشعل سيجارة باردة ...
"سَلَوْنا  !!" -قال- ...

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة