الجمعة, 31 كانون1/ديسمبر 2010 23:59

تحميل رواية وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر

قيم الموضوع
(30 أصوات)

صورة غلاف  الرواية

عن رواية وليمة لأعشاب البحر:
قيل أن الأثر الأدبي الناجح هو ذلك الذي تتذكره بعد مرور السنين. لقد قرأت رواية (وليمة لأعشاب البحر.. أو نشيد الموت) قبل عشر سنين، ولا زلت أستطيع التحدث عنها. قرأتها باستمتاع وانجذاب كبيرين.. لا أدري الآن على وجه الدقة، هل السبب كان موضوعها لأنه يهمني.. أو هو أسلوبها، الذي وجدته مفارقاً لأساليب الكتابة التي اعتدنا عليها في عالمنا العربي.. أو لجرأتها في البوح بأسرار النفس البشرية. لعلني أخيراً، أُعجبت بها لكل هذه الأسباب مجتمعة..

أما موضوعها فهو موضوعنا جميعاً في الماضي والحاضر وللأسف حتى المستقبل المنظور على الأقل.. موضوع الاستلاب والغبن التاريخيين اللذين لحقا بنا وصارا دمغة خاصة بنا.. تارة باسم الدين والأخلاق والعادات والتقاليد، وأخرى باسم القومية والعروبة، وثالثة وليست الأخيرة باسم الثورية والماركسية.. حتى صرنا لا نميز في الحقيقة مضامين كل هذه الأشياء.. وما مدى حاجتنا لها.. إذا كنت مغبوناً، مستلباً، جائعاً، ذليلاً، منكسراً.. في الأخير مغلوباً على أمري في بلدي وبين ظهراني شعبي وناسي، وتحت كل هذه اللافتات المرفوعة، ما حاجتي لكل هذه الأشياء، وكيف لا تتحول هذه المفاهيم في ذهني إلى مترادفات لغبني وجوعي وذلي وانكساري.. أرادت الرواية أن تعالج بعض هذه المفاهيم وتضعها تحت المجهر.. والمجهر في حالتنا هو خيال الروائي فقط.. وأقول فقط، لأن الكاتب تحدث عن ملابسات تجربة هو لم يعشها، تحدث عن تجربة عراقية بحتة وهو السوري.. تجرأ في الحديث عن أغوار ومستنقعات ومشاكل جنوب العراق كما لم يجرؤ كاتب عراقي على ذلك.. مثلما تحدث عن الجزائر وثورتها المغدورة كأنه جزائري.. وهنا يكمن الإبداع الانساني، هنا يكمن الأفق اللامحدود للإبداع.. أفق الرؤية، الاستقراء.. ليعرف الإنسان في النهاية موطئ قدمه الحالي.. لقد مازج الروائي بين تجربتين تبدوان متباعدتين، تجربة ثورة انتزعت البلد من استبداد الاستعمار الفرنسي وأخرى تحاول انتزاع البلد من فك المستبد الوطني، القومي، العروبي، المؤمن..الخ التجربتان فشلتا فشلا ذريعاً:

 

الأولى في تحويلها الاستبداد الاستعماري إلى استبداد وطني.. والثانية فشلت في المهد لتسرعهاوانبهارها بتجارب ثورية عالمية أرادت استنساخها على عجل.. والنتيجة؟ ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة هي الهزيمة، وهنا تدخل جرأة الكاتب في حديثه عن بواطن وكوامن الإنسان المهزوم.. ماذا يفعل مثل هذا الإنسان وهو تحت وطأة فقدان أكبر أمل في حياته.. كان (مهيار الباهلي) الشخصية العراقية الشيوعية في الرواية، و(فلة العنابية) الشخصية الوطنية الجزائرية، داخلين في نسيج تجربتيهما لحد التماهي.. ماذا ستكون ردود أفعالهما وهما يراقبان انهيار وتكركب التجربة على رأسيهما. ماذا ستكون ردود فعل المهزوم؟  ونحن يا سادتي الصارخين كلنا مهزومون، مهزومون أمام أعدائنا الخارجيين (الاسرائيليين وكل حلفائهم)، ومهزومون أمام حكوماتنا وأنظمتنا الاستبدادية المتجبرة على حياتنا ومنافذنا المنظورة وغير المنظورة.. ومهزومون أخيراً وهي الطامة الكبرى أمام أنفسنا.. هكذا بدل المقاومة للدفاع عن النفس وهو أضعف الإيمان، لجأنا إلى الانكفاء، تارة غوصاً في ماض نعتقد أنه كان باهراً لاستعادته من رفوف التاريخ.. وأخرى غوصاً في ذواتنا باحثين في مجاهلها عن تعويض ما.. ماذا سنجد في هذه الذوات غير تلك الانعكاسات الشرطية لمشاعر الكبت والحرمان التي تحاول التعبير عن نفسها بأي طريقة وبأسرع وسيلة.. ها هي ( فلة العنابية) في الرواية تلجأ إلى العهر وسيلة للنسيان، و(الباهلي) الشيوعي المهزوم يغرق في تجاربه الجنسية (عهر أيضاً) والالتذاذ عبر استعادتها كل مرة بشكل آخر لذات السبب.. النسيان. حتى يتحول النسيان الى إكسير نحاول به تضميد جراحنا وتعويض ما فاتنا.. هذا هو موضوع الرواية  بشكل عام .......

 

هذا هو موضوع الرواية.. لم كل هذا الصراخ؟، ألا يعد هذا مظهر آخر صارخ لحجم الخسارة التي ألمت بنا جميعاً، حين فقدنا كل وسائل المقاومة والدفاع عن النفس، ولم يتبق في أيدينا غير اللجوء الى الصراخ والعويل والتهديد الاجوف بالويل والثبور. في حين أن أغلب أولئك الصارخين إن لم أقل جميعاً لم يقرؤوا الرواية، بل حتى لو تجرأ أحدهم وبحث عنها وقرأها تيقنوا أنه سيقرأها بذهنية المتربص الباحث عن الانتقام.. والرواية، أي رواية هي عالم مليء بالرموز والايحاءات والتشابيه والاحاجي، واخيراً التنوع وهذا هو المهم في الرواية لأنها تحاول أن تعكس الحياة، وهذه من التنوع والغنى ما يصعب على الانسان الاحاطة بكل مفرداتها، باستثناء بعض المبدعين من الفنانين والروائيين والشعراء، الذين يمتلكون حقاً ناصية الابداع، والأهم الموهبة.. سيخرج علينا المتربص بقائمة تطول من تعابير وتشابيه وألفاظ تخدش الحياء، او لا تتماشى مع الدين الحنيف، وهنا لا يسعني إلا أن احيل المتربص  والقارئ إلى اقرب سوق يصادفه في بلد عربي أو إسلامي، ليستمع ويخبرني بماذا وكيف كان يتحدث الناس في السوق..

معلومات إضافية

  • اسم الكاتب: حيدر حيدر
  • نبذة عن الكاتب:

    حيدر حيدر كاتب وأديب سوري ولد سنة 1936 في قرية حصين البحر بمحافظة طرطوس حيث تلقى تعليمه الأبتدائي فيها ثم انتسب إلى معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب حيث واصل دراسته وتخرج في عام 1954, ثم انتقل إلى مدينة دمشق والتصل فيها مع الكثير من الأدباء والمثقفين.
    بدأ كتابته في الدوريات اليومية والشهرية، وكانت مجلة الآداب اللبنانية أبرز المنابر التي كتب فيها قصصه الأولى، التي صدرت في مجموعة حكايا النورس المهاجر في سنة 1968.
    حيدر حيدر هو أحد مؤسيسي اتّحاد الكتّاب العرب في دمشق في العام 1968، وكان عضوا في مكتبه التنفيذي، نشر حيدر حيدر مجموعة الومض في العام 1970 بين مجموعة من الكتب كانت أولى اصدارات الاتّحاد.
    في العام 1970 اعير إلى الجزائر ليشارك في ثورة التعريب أو الثورة الثقافية كما يسمّيها الجزائريون، مدرّسا في مدينة عنّاية، في الوقت الذي كان يواصل فيه الكتابة والنشر في الدوريّات العربية.

  • مجال الكتاب: القصة
  • عدد الصفحات: 380
قراءة 16833 مرات

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

آخر المقالات