حينَ فَتَحْتُ البابَ، انْدفَعتْ...
رياحٌ قوِيــــــهْ،
وأنا الذي أريدُ أن أستريح
بابي الوحيدُ، دوماً على الريح
رياحٌ هوجاء
لكم غالبْتُها، وقاومتها...
لكن عبثا حاولتُ..
شرفاً.. لكن، كأنني لم أزرع غيرَ الريح
كأنه المحالْ
وها هي مرة أخرى
رياحُ التوابع والزوابع
ترصدني عندَ الباب
تعصرني، تكبلني، تأسرني،
تَلُفُّني، ثم ترميني في دوامة البحر
وكأنها خواتيم العُباب، كأنهُ الإيابُ
من العناء...
وأنا أواجهُ عُبابَ البحر
أحسَسْتُ بعَياءٍ،
أنا المرميُّ غير المكترث
لم أدر لم الْتفَتْتُ...؟
ويا ليتني ما الْتفَتْتُ...
رأيتُ إنساناً مثلي قد تفكَّكْ...!؟
رأيتُ خواءً...!
وصياحاً بَل عُواءً...!
ثُم غُولاً فَاغِراً فاهْ...!
ويا ليتني ما فتحتُ
ويا لَيْتَني ما رَأيْتُ ولَا أَبْصرْتُ...!
رأيتُ إنساناً تحَوَّلْ...
سقطَتْ منهُ الأكُفُّ، والأصابِعْ...!؟
وانحنى الرَّأسُ
انْهَمرَتِ الأطْرافُ...،
تَخَلْخَلَتِ العُيُونُ والأنْفُ...!
انْسَلَّتِ الأَدْرُعُ،
الْتَفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ ...
ثُم تَبَخَّرَ الجَسَدُ...،
لَمْ يعُد شَيئاً...!
أَحَقا كَانْ...؟!
وهَلْ كَان...؟
كما لو دَبَّ في رَحِم الأَرْضْ...!؟
كأنَّهُ لم يكن...
كأنَّهُ تبخَّرْ
-------
خَلْفَ الباب والأَبْوابِ، هُناكَ،...
كانَتِ الفتَياتُ يصْدَحْنَ بالغِناءِ ،
والمنتَزَهاتُ والخُضْرَةُ!
والحفلاتُ...
وَ الفُروسِيةُ، والزَّغاريدُ الآسِرَهْ!
والماءُ العَذْبُ الزُّلاَلُ، والرَّوَابِي،
وَالمُروجُ، والغِدْرانُ...!
والرَّوابي الحالمَةُ...
وأعْشاشُ الطُّيُور،
وَالبَلاَبلُ تَصْدَحُ...
وأَجْرانُ الحُبوبِ المُتْخَمهْ،
والنَّوايا الحِسَانْ...
كانَ الإنْسانُ حَقا إِنْسَانْ...!؟
-------
وَراءَ هَذا البابِ،
قِطَطٌ لَامعَةُ العُيونِ...!
وَشَيءٌ مِنْ بَريقْ...
تَموءُ بيْنَ الخَرابْ،
وأُخرَى هائِجَةٌ تتَقاتَلُ..
بيْن صفائِحِ القُمامـَـــــهْ،
والجُرْذانُ، والغِرْبانُ، والجَماجِمْ،
وهَياكِلُ رُؤُوسٍ ، أَقْبعُ خَلْفَها،
مِثْلَ غُرابٍ في الأَنْقاضِ يَنْعَقْ.
ثُم أسِيرُ في وَحْشَتي...
ضارِباً في زَحْمَةِ الأَزِقَّةِ وَالدُّرُوبْ،
وأَنْتَفِضُ ثائِراً كمَوْجِ البَحْرِ
أَوْ كالثَّلْجِ أَهِيمُ أَمَامَ إِشْراقَةِ شَمْسٍ حَارِقَة
أَذوبُ في غُرْبَتي..شَلَّالاً
أَتَفَتَّتُ مِنَ المَلَلْ..
أَتلَمَّسُ الطَّريقْ... لكِنْ، سَرْعَانَ
وَكَأَنَّ جسَد الدُّنْيا شُحُوبُ جفَافٍ
في وَدَاعِ الغُرُوب...
فَجْأَةً...!
سُدَّت أَمَامي كُلُّ السُّبُلْ،
شَحَّتْ يَنابيعُ مَائي،
ولَيْلي صَار طَويلاً ثقيلاً،
بَرْدُ الكَآبةِ قاسٍ يَزْحَفْ،
أُوَجِّهُ خُطُواتِي نَحْوَ المَجْهولِ!؟
لا نِهايَةَ لِي، ولا بِدايـــــَــــــــــــــهْ...!؟
لا بِدايةَ لِي، ولا نِهايـــــــــَــــــــــهْ...!؟
فأَكْتشِفُ أن َّكُلَّ الأَبْوابِ:
مُزَيَّفَهْ...،
دَنِيئـــــَـــــــهْ...!
مُهْتَرئةٌ،
وَقاتِمـَــــــــــــــهْ....!
-------
غَيرَ ذَاكَ الباب المشْرَع بالنُّورِ،
محاولَتِي الأخِيرَةُ
لأنْ أَفوزَ فَوْزاً عَظيماً...!
وقَدْ هَيَّأتُ للتِّرْحالِ ــ منْ وَجَعِ الفُؤادِ ــ مَراكِبْ،
أَشُمُّ رائِحَة الاخْضِرارِ،
أَشُمُّ رائِحَةَ الطِّينِ تَخْتَلِطُ بِعَبيرِ المَطَر
تمتزجُ عطرا أصيلاً
فأولدُ من جديد أصير إنساناً
أسترجع ذاتي، كمتصوفً، عاشقً،
أَسْتَنشِقُ الماءَ الزُّلالَ...
تَتَّسِعُ الرِّئَتانِ،
يَتَّسِعُ القَلْبُ...
تشرقُ الحياة
يَسْكُننِي النُّورُ مِنْ بِدايَتهِ...!
أَراهُ بِرُوحِي، وبِقلْبي أُبْصِرُهُ...
ويَأْسِرُني...!
يَحْمِلُني إلى آفَاقِهِ الرَّحْبَهْ،
ولَنْ أَخيبْ،
سَيَكُون ُذاكَ البابُ...!
كما صَوَّرَتْهُ مُهْجَتي
فِطْرَتِي..
فِراسَتِي، مَقاماتِي...
هُوَ البابُ الحَقِّ...
إليْهِ أفيءُ ...
محاولتي لأن أصيرَ سعيدا.