لا تزيديني كأس حزن فإني
شربت من الدهر فاكْتَفَيْتُهُوشرِبتُ من أيامي هما وغما
فلا سُررت بشخص ولا فرحا رَأَيْتُهُوأَسرفتُ في عطائي حتى أفلستُ
ونسيتِ كُلَّ شيء أَعْطَيْتُهُورحلتِ عني كَكُلٍّ راحلٍ
ومعكِ كُل ذكرى وحلمٍ أَلْقَيُتُهُوما زال صوتكِ في ثنايا مسمعي
وطيفكِ كُلَمَّا وَسْوَسَ لي نَهَيْتُهُولازلتِ تلميحا في كُل قصيدةٍ
ومازلتِ دَفْقَةً في كل بيت أَنْهَيْتُهُونِقاطي لا أضعها إلا لِوَصْلٍ
وأنتِ الوِصَالُ لكُلِّ ما تَمَنَّيْتُهُكلُّ أديبٍ يروي روايتَهُ
وأنتِ روايتي وكُلُّ حرفٍ رَوَيْتُهُخابَ أمري حِينَ انتهائهِ
ولمَّا بدا الدُّنُوُّ أنا حَائِرُهْولما اِنْجَلَى عني ما كان خافيا
رحل الحبيب والخيالُ ذَاكِرُهْكيف يُنكر الذي بيننا؟
فَذَاكَ كَمَنْ عابَ اللهَ كَافِرُهْوالعِشْقُ لون أعمى يبدو رماداً
وهَلْ يَصِحٌ المُنْكَرُ إِنُ غَابَ نَاكِرُهْ؟أنام في سهادي كُلَّ ليلةٍ
ووَجْهُكِ في منامي الخيالُ زَائِرُهْوالحب يكذِب في كُلً خُطبةٍ
وسَنَدُهُ مقطوع مهما كَثُرَتْ مَنَابِرُهْودِينُ الهوى فيه إكراهٌ
وفيه البِدعة أَنُ تُعَظَّمَ شَعَائِرُهْوأبياتٍ كُتِبَتْ بمِداد دمعٍ
فلا يعرف مرارة النَّظْمٓ إلا شَاعِرُهْوإني تائهٌ وسط عالم
رحلتِ عني فيه وخالفني سَائِرُهْصوت يجول في رأسي فأطردهُ
ليعودَ مرةً أخرى فَأَسْمَعُهْيقول يا هذا قد وُهِبْتَ قلماً
ومِدَادُهُ سُخِّرَ لتكتُبَ ما تَدْمَعُهْوهذا الليل لا يلقي عليكَ بالاً
أضاء ظلمةً وروحُك مظلم ما تَصْنَعُهْ
لا يُكَلِّفُكَ اللهُ ربعَ بيتٍ
لكن شِعْرَ المتألمِ أَعْذَبُهُ وَأَيْنَعُهْ
وما أزال كُلَّ مرةٍ أكتب حرفا
عن مرارتي إلا والدهر يَصْفَعُهْ
فأيقنت أَنَّ الشعرَ ليسَ إلا
يُدْنِي الشاعرَ ولا يَرْفَعُهْ
فلا يكفيه لا صَدْرٌ ولا عَجُزٌ
ولا تُوَفَّى قافية ولا الأوزان تَنْفَعُهْ