ولكِ اعتذارُ بنفسجاتٍ ذابلاتْ - شعر : د. جمال مرسي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
هُوَ ليسَ لِبلاباً ،
فكيفَ تَسَلَّقَ السُّورَ العظيمَ إلى حدائِقِ يَاسَمِيِنِكِ
و اشرَأَبّْ .
هُوَ ليسَ غيماً ،
كيفَ أسقطَ ثَلجَهُ ناراً تَلَظَّى
فوقَ رَوضَةِ مَن أحَبّْ .
هُوَ ليسَ بُركاناً ،
فكيفَ تجرَّأت يَدُهُ على حَرقِ الغُصُونِ
لكي يُفَزِّعَ في رُؤاكِ حَمَامَتينِ
فتَهرُبانِ إلى الفضاءِ
على جناحٍ من لَهَبْ .
هو ليس جُلموداً تهاوى
من جبالِ العنفوانِ
إلى ينابيعِ العذوبةِ كي يُعَكِّرَ صَفوَها
أو يستبيحَ عنادلَ الأحلامِ
في روض العِنَبْ .
هو ليس لِبلاباً ، و لا غيماً ،
و لا حِمَماً تَثُورُـ و إن تَظَاهَرَ ـ أو صخوراً
ليس قديساً ليزهدَ في جمالكِ
إنَّما روحٌ و قَلبْ .
***
لا تعذليهِ
إذا تمرَّدَ في هَواكِ
و شَقَّ سِترَ الصَّمتِ بينكما
فقد أدمتْهُ أشواكُ الطريقِ ،
سياطُ أجنادِ الخليفةِ ،
و افتراءُ الحاسديهِ على عيونكِ
إذ رَمَتهُ سِهامُهُم من كل صَوب .
لا تعذليهِ
إذا امتطى بحراً إليكِ
و قد تشبَّث كالغريقِ بطوقِ وَردِكِ
يا أميرتَه التي أهدتهُ مِفتاحَ التوهِّجِ
فوقَ صَحنٍ من ذَهَبْ .
لا تعذليهِ
حدائقُ الرمَّانِ تُغري بالقِطافِ
و قد طَوَى خيلَ المَشُوقِ
إلى حديقتِكِ السَّغَبْ .
و على الصَّدى ـ في رحلةِ الظَّمَأِ المُميتةِ ـ
أَبصَرَت عَيناهُ كَأساً مِن رَحِيق الثَّغرِ
تَلمعُ في مدى ياقُوتَتَينِ
تُعِيدُهُ للنُّورِ لو منها اقتَرَبْ .
و حمامةً حطَّت على كتِفيهِ
تحملُ في الجناحِ رسائلَ العطرِ ،
الأنوثةِ ،
و التوهُّجِ ،
تنفضُ الرِّيشَ الذي رَوَّيتِهِ من لونِكِ الخَمريِّ
خمراً يُذهِبُ ال ما قد تبقَّى من حِجا
حينَ انسَكَبْ .
لا تعذليهِ
دَعيهِ في بحرِ الصَّبابَةِ غارقاً
هل كان يُؤثَمُ إنْ تَجَاوَزَ في ارتِشافِ الشَّهدِ صَبّْ ؟
***
هي لحظةٌ للإعترافِ
فسامحيهِ
لكِ اعتذارُ بنفسجاتٍ ذابلاتٍ
يَبَّسَتْهَا رِيحُ أشواقٍ إليكِ
على أفانينِ الترقُّبِ و الأَرَبْ .
و لتصفحي
إمَّا تجاوز كلَّ غَيمٍ في السَّماءِ إلى شُمُوسِكِ
يَستَمِدُّ الدِّفءَ و الأنوارَ
ـ يا مَولاتهُ ـ
و لترفعي عنه العَتَبْ

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟