مدينة لا تليق بي ـ شعر : عماد استيتو

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

لاهثة أراك كل صباح
تقفزين من الفراش دون زينة
تهرعين إلى أول طاكسي أو باص
مرحبا بك أيها الخراب
تداعبين الجنون
تشربين قهوة لا لبن فيها
ثم تركضين من جديد
أنا لا أصدق هاته الأكاذيب
تقولين: أنا مجبرة
من يرغمك على كل هذا العبث؟
لست تجيبين


لا تعرفين الجواب
أو ربما لا تسمعين السؤال
لا تلوميني فأنا مجرد تعيس
جئت أبحث عن اللاشيء فيك
كنت أبحث عن المنفى فيك
سأصارحك :لم أجده
ما هكذا تصورت منفاي
ما هكذا عشقت خرابي الجميل

وأنت ما بالك تحبينني؟
تعرفين أنني مجرد رجل شرقي حقير
تعلمين أن وجهي الحداثي مجرد تمثيل
وكل ما أفعله
هو لعنك طول اليوم
ألعن شهوتي إليك
أشتم القصائد التي كتبتها في باراتك
أمقت نساءك اللائي قدنني إلى الذروة
لماذا تبعثرين حساباتي
لماذا تؤجلين رحيلي دائما
وأنت تعرفين أنني حزمت حقائب المغادرة منذ اليوم الثاني
أخبرتك غير ما مرة أن علاقتنا غير شرعية
ليس باسم الدين
تعرفين أنني غير مؤمن
أنا ...
أخبرتك دائما أن لا توقظيني في الصباح

مللت كل الأشياء المرتبة فيك
أنا أصحو حينما أريد
أنا أكره النظام
اعتقدت أنك فهمت رسالتي في المظاهرات
أنا فوضوي ، عبثي ، عدمي
لا أفهم لماذا تختارين لي هذا المقهى ؟
أنا أحب المقاهي الشعبية
أنا لا أختلط بالأغنياء
حذرتك
تلك الأماكن لا تشبهني
لا أريد أن أصحو على جثة ليست لي
لماذا لا تسمعين لي ؟
أنا أحب السواد
أنت متأنقة ومزعجة و تلبسين الأبيض
أنا أيضا لا أحب جرائد الصباح
من أين لك كل هاته الجرأة؟
من سمح لك بكل هاته الوقاحة
لتصنعي كل هذا الوهم
جسدك ساحة ثورية
جسدك مقر الحزب
جسدك لقاء كل يوم مع صديقي المحجوب
جسدك تلك البيرة التي لا تسكر
أتفهمين؟، جسدك ..
هذا كل ما أحببته فيك

لا أعرف إن كنت سألتقي رفيقي في حانة "لاسيكال"
سأذهب لنتحدث عن الثورة
ثم نشتم بعضنا كالإخوة كارامازوف
هو يشتمني لأنني أصبحت يائسا
وأنا ألعنه لأنه حالم
ومعه ألعنك حتى يطردنا الساقي
ما أخشاه هو أن لا تقوم الثورة الآن بعد الفجر
أخشى أن يتكرر ما تفعلينه بي كل صباح

لا أعرف أين سأخبىء كل هذا الإحباط؟
أين سأهرب منك؟
بت أخطر علي من كل المخبرين والبوليس
معك أفشل في التقية
ينفضح أمري بسرعة
أتذكرين في المظاهرات
حينما يتدخل الأمن
أنا لا أعرف شوارعك جيدا
أنا أركض فقط
تعلمت ذلك منك
أنت تركضين كل اليوم
أشتم السلطة والرجعية
وأصرخ بأغاني الرفاق
لا أنسى دائما لعنك

في هدأة الليل
بعد معركة كل يوم معك
أنتظرك لتنامي
لا تنامين
لا تغفو عيناك أبدا
حتى الله ينام قليلا
يأخذ قسطا من الراحة
ليصلح ربما كل هذا الدمار من حولنا

سألتك ما خطبك ؟
قلت هو حزيران
آه يا حزيران
آه يا فبراير
آه يا مارس
كل الشهور مقيدة
جميعها عابرة
كتبت بألوان مأسطرة
أكتب قصتك وانشرها في التلفزيون
ليس لدي تلفزيون
حطمت الراديو
لن أسمعك
المشور هادىء
لا أحد يجوب في الأرجاء
لا شاعر يلغو
ولا كاتب يتأمل في فقه الوطن
لا شيء
فقط لا شيء

أنت من ؟
أنت لا أحد
من أعطاك كل هذه القدسية؟
من جعل بابك من حديد
من أغناك، من أفقرنا
أنت لا أحد
أتملك كل تلك الشجاعة
لتجلس في الصباح وتقرأ عن الجبل؟
عن الموتى الأحياء في المنجم ؟
عن الكاريان
أن تتظاهر بالحزن
كيف لي أن أصدق دموعك؟
وأنت تأكل من رغيفي؟
وتشرب من مائي ؟
أنت من ؟
أنت لا أحد
الشمس ليست ملكك
في كل هذا الظلام
نستطيع أن نرى
لن نهلك
أنت لا أحد
حتى في هذه المدينة التي لا تليق بي

في فندق ميرامار
قريبا من مقهى الهلال
غير بعيد من مقر الجريدة
في الغرفة رقم 5
ألعنك من الشرفة
ثم أنام
أنت لا تليقين بي

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟