كنا نفتقد الأحلام ونتحرى اليها مراكب الشعر
والآن نحن تائهون في ضبابه أكثر من ذي قبل
تتخاطف من حولنا شهب الأحلام المتمهلة دانية:
ذلك الذي يجوب البلدان
ذلك الذي يستقل المراكب
يحضر الحفلات السيمفونية
يجوب المعارض
يقتني الكتب ..
أحيانا أكتب الشعر عني أنا وعنها هي ودخان السيجار الكوبيّ
وأحيانا أكتب عن حلم آخر قديم ليس يسير المنال:
عن أخي الذي يصغرني بعام أو يزيد
ذلك الذي شاركني الأصدقاء والثياب والذكريات
ذلك الذي عانى أوقات الحروب وهو يحلم بالسفر
كنا يومئذ نمضي في غابات مجهولة
نبتعد إلى أمكنة لا نعرفها
ولم أكن أنا أرغب في المضي أكثر
تمنيت أن نعود أدراجنا
قلت له بوثوقٍ "جَدْعون سيأتي" !
لم يكترث
رمى بنفسه في الماء نحو الجزيرة القريبة
تلك التي على مرمى قلب أو رجاءِ سفر
دنا مني الهرج من قوم جدعون فهربت
ومضى هو سابحاً إلى الجزيرة القريبة
.
أخي الذي شاركني الحلم والثياب والأصدقاء
عبَر البحر الى الجزر البريطانية
وعدت أنا الى بلدي
لمّا يزل يطاردني جدعون في شوارعه
لكني لا أستطيع الابتعاد كثيرا أو دائما عنه ..
أنا أعلم إنك يا أبي
أيوبُ المصاب بالجذام
لكني لا املك إلا اليقين بشفائك
أحلامي إن أبطأتْ ستبقى أحلاماً
وإن أتت فستكون بروقاً وأقواس قزح
فالشعراء يعشقون تحقيق الأحلام ،
وربما يتقنون تلوينها ..
...
.
أنا ما أزال أيا عراقْ
أفديكَ إذ رحل الرفاقْ
يوماً ستنهض ، تهتف الآفاقُ حولكَ :
ويلها من رقدةٍ
أركُض برجلكَ ها هنا بردٌ ومغتَسَلٌ
وقد حان الفَواقْ ...