لا أقف امامك أيّتها المرآة ..إلا لأراها...
ملامحها تعانق قسماتي..
تتلمّس بسَماتي...
أقف أمامك ..يطيل شوقي الوقوف ..
بمساحة الزمن ..
بعمق الشجن ..
بكل عبق فاح بين حنايا الوطن .
ابتسامتها ....تركس عصفورة ..تشدو على شفتيّ
وجهها ...يتلبسني ..يسكنني ..
مني ..إليّ...
نظرتها ...تغوص في وجداني ..
وتطفو بين ناظريّّ...
فيّ منك الكثير ..امي
شوقي ..إليك أمي ...يقودني إلى المرآة..
على صفحة الماء ..يركع "نرسيس"..المفتون..
تعشق ذاتُه..ذاتَه الفانية..
وعلى مرآتي ..تتفتحين ..كزهرة اللوتس..
كنرجسة يضوع عطرك ..عند اللقاء..بيني وبيني..
أمام المرآة .موعدنا..
عندما تلتقي عقارب الشوق..
عندما يلسعني الحنين..أمي ...نلتقي..ــ..
ألتقي بك ..يا ذات الضفيرتيْن ..
شرائطك الملوّنة ..تتدلى على الكتفيْن..
ترسم رقصة قزحية ..
بسمة ...طفولية..
تغمزني ..تناديني ..
الى مباراة .القفز على الحبل...
إلى مناجاة ..عروس القماش ..
لعبتك الوحيدة ..
دنياك البعيدة..
أيتها الساكنة فيّ بمساحة وطن
بعمق الحنين وغور الشجن...
تطلين من بين الشقوق..
تبحثين عن ذاك العمر المسروق...
تدمعين..تشيرين ..
يتلاشى طيفك..حينا ..
تنمسحين..وحينا تتجمّعين..
تطلّين ...عروسا...
لبست الفرح .. قميصا فضفاضا...
رسمت الأمل ..بعيد المنال..
وذاك الشال..
ينهال ..بسواده على الكتفيْن...
أيتها الوجوه المتكدسة ..في أوردتي..
أيتها الوجوه المتلبّسة بي ...
ينسلخ بعضها من بعضي..
فلا طال التحامها ..سماء..
ولا لملمت شظاياها أرضي...
أعود إليك ..أيتها المرآة..أرمي شبكة القنص ...
أشتهي إعادة بنائك...
أيتها "اللعبة المربكة "..أجمّعك..لوحة فريدة..
فينفلت النـــّ ثـــــا ر...
كغبار ..السنين..
ولا يبقى لي منك ...
سوى ذاك السؤال .
وهذا الحنين ...
متى تؤوبين..؟
متى تتحدين ..؟