كَانَتْ رِيحٌ خَفِيفَةٌ تُرَبِّتُ عَلَى رِيشِ قُبَّعَتِي ،
وَمَطَرٌ أَصْفَرُ يُلْعَقُ غَضَارِيفَ نَافِذَتِي ،
قَارِعُ الْأَجْرَاسِ السَّمَاوِيَةِ يَعْبَرُ نَحْوَ النُّجُومْ ،
وَعَرَبَاتُ الْخَرِيفِ تَعُجُّ بِسُرَادِقَاتِ الْمَوْتَى ،
وَخُفَّاكَ يَسْتَوْطِنَانِ رِكَابَ السَّحَابْ ،
وَعَلَى كَتِفِ رَبْوَةٍ كَانَتْ قُبَّرَاتٌ تَجْلِسُ الْقُرْفُصَاءْ ،
وَكَانَتِ الدُّنْيَا خَالِيَةٌ ، كَأَبْرَاجٍ مَهْجُورَةْ ،
وَالْأَبَدِيةُ تَبْتَعِدُ خَلْفَ سَدِيمِ الضَّبَابْ،
وَكُنْتُ بِالْخَطِيئَةِ قَدْ حَصَّلْتُ الْفَنَاءْ ـ
لَمْ تُحَرِّضْني كُتُبٌ مَحْظُورَةْ ،
لَكِنَّ حَبَّاتِ الْعِنَبْ ، كَانَتْ مُسْكِرَاتٌ كَحَلَمَاتِ النِّسَاءْ ـ
عَائِداً إِلَى أَدْغَالِ جُزُرٍ مَنْسِيَةْ ، وَعَلَى ظَهْرِي تُرُوسُ السَّلاحِفْ ،
زَاحِفاٌ عَلَى التُّرَابِ آكُلُ الرَّمْلَ وَالْحَسَكْ ،
وَفَي رَأْسِي عَنَاكِبٌ تَحْفُرُ أَنْفَاقاً مُوغِلَةً فِي الظَّلَامْ ،
وَعَلَى لَحْمِي تَتَغذَّى عِظَاءَاتٌ وَقِحَةْ .