مَا الّذِي يخبئني حَشْرَجَةً وَسَطَ السَّحَاب ؟
وَالسّمَاءَ مِنْ حَوْلِي عَمْيَاءُ، بِلاَ أَلْوَانٍ بِلاَ عَلاَمَات ...
تَنْثُرُنِي الرِّيَاحُ سَمَادًا عَلَى أَرْضِ أَهْلِي،
وَأَهْلِي يُشَيِّعُونَنِي خَلْفَ غَمَامَةٍ لَمْ يَكْتَمِلْ بَعْدُ مَخَاضُهَا
وَأَنَا الْحَجَرُ الْغَجَرُ الْمُبَلَّلُ بِالظَّلاَمِ وبِالنَّدَى
رَعْدَةٌ مَا أَمْلَتْ عَلَيَّ شَظَايَا حَيَاة،
لِتُوقِظَنِي مِنْ كَابُوسٍ أَلِفَتْهُ كُلُّ البُيُوت
أَيُّ جَسَدٍ هَذَا الَّذِي أَصْبَحَ كَعْكَةَ مِيلاَد ؟
وَأَيُّ قَلْبٍ هَذَا الَّذِي صَارَ مَقْبَرَةً للاحتجاج ؟
وَمَا الَّذِي يَجْعَلُ أَهْلِي يَفْرُكُونَ جُفُونَهُمْ مِنَ الأَحْزَان
فَأَنَا لَمْ أَكُنْ يَوْمًا مِضْمَارًا لِصُرَاخِ الْأَرْوَاح
وَلاَ سَاحَةً لِلْهُتَافِ بِعَوْدَةِ زَمَنٍ قَدْ رَاح
لاَ وَقْتَ عِنْدِي لِكَيْ أُغَنِّي لَكُمْ نَشِيدَ الْوَدَاعِ
خُذُوُا مَعَاوِلَكُمْ بَعِيدًا عَنِّي، عَنْ عُشٍّ بَنَاهُ هَدِيلُ الْحَمَام
احْفُرُوا حَتْفَكُمْ هُنَاكَ، وَتَرًا وَتَرًا ...
وَادْفِنُوا فِيهِ عَمِيقًا كُلَّ الأَقْلاَمِ، شَجَرًا شَجَرًا ...
لاَ تَنْتَظِرُوا عَوْدَتِي عِنْدَ كُلِّ نُصْبِ أَوْ تِذْكَار،
كَجُنْدِيٍّ مَفْقُودِ ..
فَأَنَا لَسْتُ بَطَلاً، وَلاَ مُنْتَظَرًا يَوْمًا قَدْ يَعُود
خُذُوا مَعَاطِفَكُمْ الثَّقِيلَةَ مِنْ عَلىَ كَتِفِي
فأنا هُنَا مُنْذُ زَمَنٍ أَنْتَظِرُ الْمَسَاء
ارْحَلُوا بَعِيدًا بَعِيدًا، مِنْ فَضْلِكُمْ
فَهَذِهِ مَقْبَرَةٌ، وَلَيْسَتْ ضَيْعَةً يَمْلِكُهَا أَسْيَادُكُمْ
وَاتْرُكُوا لِي أَشْيَائِي مَعِي، أُرَتِّبُهَا كَيْفَ أَشَاء
وَقْتَمَا أَشَاء ...
مُدَرَّجًا بِحُرُوفِيَ، تُغَسِّلُنِي بآلاَفِ الآهَات
حَشْرَجَةً بِلاَ سُحُبٍ وَلاَ مَاء ..