جمعتُ في حقيبةِ الليل مُزْقِي
وبعضا من شغَفِي
شَغَبِي.
تركتُ فوق المرآة المَرْمَرِيَّةِ
رَذَاذًا
عَلِّي أعيدُ صيَاغَةَ اسْتِعَارَاتِي العابِرة
قلتُ : ـ سأنْسَى كَيْفَ كَانَ وكُنَّا...
يا للسذاجة تتوضأُ من نهر الغياب!
سافرتُ في المتاهاتِ
شربتُ قهوة انشطارِي
وغردتُ على تويتر
"لاشيء يستحقُّ انتماءنا
غير وطن حزين."
قرأتُ رسائلَ دوستوفسكي
وغِبْتُ فِي قَصيدتي الذابلة
تأسرني
وتَرْمِينِي بِلاَ أجْنِحَةٍ
بَيْنَ عباراتِ رسول حمزاتوف.
ولما عدتُ إِلَيْ
وَجَدْتُ الفراغَ يَمُدُّ رِجْلَيْه
يُغْلِقُ نَوَافِذَ الهواءْ.
لماذا أصبحتُ والوهمَ توأمينِ؟
نَنَامُ فوقَ لَوْحِ الهَواجسِ
تَصْفَعُنَا الليَّالِي
فنمشِي بلاَ رئَتَيْن
نحْوَ نَصٍّ
يَشْنُقُهُ ظِلُّ عاشقةٍ
تَمُرُّ بينَ غَمَامَتَيْن
قَد تكونُ أنَا...
تلكَ المُتَدَحْرِجَةُ مِنَ اللاَّمَكَان
ترسمُهَا اللغةُ عاريةً
إلا منْ مِعْطَفِ الخَبَال
تَسْكبُ ألوانَ حَيْرَتِها في عيونِ الظَّلاَم.
2
إِنِّي لاَ أَرَى
غيْرَ خَيْبَاتٍ
تمُرُّ مُتَهَدِّجَةَ الأنْفَاسِ
يُعانِقُ صَوْتُ كمنجَاتِهَا
آهَاتِ سيدةٍ
يَفِيض نَهرُهَا ضَوْءًا.
تُرَدِّدُ:
ـ لاشيءَ بيْنَنَا...
غير صفصافٍ يصبُّ نبيذَ صمتهِ.
يا لَإبَرِ الصَّنَوْبَرِ
تتَهادَى بين تجاعيدِ الهذَيَان
تتَثَاءَبُ بين شرايينِ حُلْمٍ بلا شُطْآن !.
3
شَقَّ النَّهَارُ رِدَاءَهُ
نباحُ الريَاحِ
يملأ فِنْجَاني المَقْلُوب
تأملتُ خطوطَه السَوْدَاء
مثلَ شبحٍ عَابرٍ
وأنا أسمعُ صوتَ العندليبِ القَادمِ من هناكَ
( لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ.. وطريقكَ مسدودٌ.. )*
تسلَّلَتِ الأوراقُ بِلِحَائِهَا الخَريفِي
تساقطتْ بينَ يَدَي الانكسَارِ
كان اليُتْمُ يَقُودُ خَطاي
فَعَلَى مَنْ أقْصُصُ رؤياي
وَ قَصَائِدي عَنِ الْهَوَى
خيط كُحْلٍ موجع يُخاصِرُ معنايْ
تجملتْ به زرقاءُ اليمَامَةِ ذاتَ نَحِيب.
4
تَسَكعتُ بين قَوَافِي الأمس
وأنا أخْفِي تَنْهِيدَةَ فان جوخ
بين أصَابعِي النَّحِيلَة
ورسمتُ بحبرِ الصبابةِ
فراشة تحترق.
ثُمَّ حملتُ مَجَازِي فوقَ كَفِّي
مثل كَفَنٍ إِغْرِيقِي
وهَرَبْتُ مِنْ إِبْطِ هذهِ القَصِيدهْ.
ـــــــــــــــــ
*من قصيدة (قارئة الفنجان) للشاعر نزار قباني، غناء عبد الحليم حافظ.