كان أَكْثَر ما يُزْعِجُه ، أن تكُون النُّجوم غَيَّرت مواقِعَها كما تُغَيِّر حفَّاظاتِها .
لكنَّ الأسْوَأَ كان قد حَصَل ،
فَقُرَى النجوم قد إخْتَفت خَلْف أَكَمَات السُّحب
فرغم أن أجْراس المَطَر قد أنْهَت مُدَاوَمَتَها ، والرِّيح لم تَعُد تَسْرق دَوَالِيب المِقَشَّات الطَّاِئرة
فأسْراب الصُّقور الحَلِيقَة الرُّؤوس ، مَا زَالَت تَقْصِف صَهْوَة دَرَّاجته الهوائية .
الشُّرْطِيَة الَّتي تُعَفِّر بِشَخِير قُبَّعَتها العابِسَة الأَبَدِيَة ، لم تُقَدِّم له مُساعَدَة تُذْكر ،
وظلَّت تُوَزِّع كَفَّيها المَعْروقَتَين كَلَحْم القَرَابِين علَى الْجِهات .
تَوَارَى الجَدْول الذي جَرَى لِلتَوِّ تَعْميدُه ـ والذي لم يكن طَبْعاً بلا خَطِيئَة ـ خَلْفَ أَسْرَاب السِّنْدِيان
بَيْنَما القمر العَجُوز الذي أَتَى على أَكْل أظْفَاره حَتَّى انْحَسر عَنْها الحَيَاء ،
يُوَاصِل سَهْرَتَه الأسبوعية ، علَى رَصِيف حَانَة المِينَاء .
هَكَذا فكَّر مُوَزِّع البريد في السَّماء ، أن يُرْجِيء زِيَارته المُعْتَادَة إلى قُرَى النجوم .