في غرفة نومه، وقف كما ولدته أمه أمام المرآة الطويلة المتبثة على الحائط العاري – ينشف جسمه من حبيبات الماء الدافئة .- ارتدى جوارب بيضاء، ملابس داخلية ناصعة البياض، قميصا أبيض وسروالا قطنيا رقيقا ثلجي اللون. نشف شعره بالمجفف الكهربائي ومشطه إلى الخلف. رش العطر المفضل على كل بدنه، ارتدى البذلة السوداء اليتيمة الأنيقة، انتعل الحذاء الأسود اللامع، سوى ربطة العنق الداكنة على مقاس العنق.
نظر إلى نفسه في المرآة، وطبع قبلة في الهواء صوب صورته. تمشى في شقته الصغيرة المتواضعة، وقف أمام المكتبة الخشبية الصامدة، لامس الكتب برفق، نظر إلى المخطوطات والجمل التي نقشها طيلة سنين رتيبة، تأمل الألبومات، تبسم للوجوه المختلفة والأماكن المتعددة، طبع قبلة في الهواء، تناول كرسيا، وضعه في ممر الشقة الضيق، فتح الباب ونظر إلى المَنْور المربع المفتوح على السماء، تتشابك خطوطه الحديدية وتتقاطع. ثم عاد إلى المرآة، تناول قنينة نبيذ فاخر اختاره بعناية، فتحها وصب لنفسه كأسا، رفعها تجاه صورته: Tchine. ثم تناول أحمر شفاه – نسيته امرأة عابرة في ليلة عابرة من علاقة عابرة- وكتب:
- كنت أريد حياة أنيقة فقط.
ثم أخرج هاتفا نقالا من جيبه، وخط بسرعة فائقة رسالة قصيرة لصديقه الوحيد:
- Viens, je suis emporté par le silence absolu.
Mawaddati Wa mahabbati.