"اليوم الثامن في الأسبوع أو التحرر من ثقل الزمن لمعانقة المدهش البهي" -1- د. امحمد برغوت

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

يمكن اعتبار عنوان هذا الديوان بمثابة عتبة لولوج محراب البوح الشعري المندرج في إطار شعر التفاصيل الذي اعتبرته الحركة الشعرية الطليعية المعاصرة، ذا أهمية قصوى من أجل القبض على جوهر الكيان الإنساني اللاهث عبر الزمن المتسارع لفرض وجوده. ومن ثم انبرى الشاعر علال الحجام في ديوانه هذا إلى الاحتفاء بتفاصيل الأحداث اليومية العابرة في حياة الإنسان الممزق بين واجبات الوظيفة الرتيبة، والتقاط الحالات الشعورية التي تحفر مجاري عميقة في وجدان الذات المشروخة المتذبذبة التواقة إلى اقتناص اللحظات الوهاجة في خضم الزمن القاهر الكبير .
إنها وظيفة من وظائف الذات الشاعرة التي عانقت مظاهر تحديث النص الشعري المغربي عبر الانغماس الفعلي في الحياة العامة، واعتبارها قادرة على تفجير ينابيع القول الشعري عبر تلمسه في التفاصيل الدقيقة للحياة العادية العابرة المحسوبة برقصات عقارب الساعة عبر أربع و عشرين ساعة .
وبتوالي الأيام السبعة المكونة لوحدة الزمن الأسبوعية، والتي لم تعد قادرة على منح هذه الذات الوقت الكافي للتأمل الرصين في منحنيات تحول وتغير الحالات الشعورية للذات القانطة اليائسة المتبرمة المتسائلة المستشعرة لثقل الزمن الذي لا يرحم، والمصطلية بالعذاب الوجودي.

وفي ظل محدودية الزمن هذه، يلتمس الشاعر في بوحه الشعري الممتد عبر صفحات ديوانه هذا زمنا إضافيا عله يساعد هذه الذات المحاصرة على ممارسة وجودها، ويقترح إضافة يوم ثامن ضمن وحدة الأسبوع عله يعينها على فك خيوط التبرم والسخط التي نسجها الزمن الضيق ليحررها من الالتزامات اليومية، والانطلاق نحو معانقة الجدة والتجدد، وتجاوز المألوف الممل للالتحام بيناعة الرونق البهي، وبسحر الجمال الشهي القادر على تفجير ينابيع الكلام دررا معسولة ، وصورا مصقولة.

وقد جاء المتن الشعري للديوان مقسما إلى ثلاثة أجزاء:
أ‌- الجزء الأول : بعد رابع، ويتضمن ست قصائد تتصدرها قصيدة طويلة تحت عنوان: "من يوميات سارق النار" مقسمة بدورها إلى ثمان مقاطع شعرية، أو بالأحرى ثمانية أيام ؛ وهي على التوالي:
- يوم بين الحلم واليقظة : كناية عن يوم الاثنين .
- يوم اللهاث : '' '' الثلاثاء.
- يوم العطش : " " الأربعاء.
- يوم القصف المكثف : " " الخميس.
- يوم يطارد قوس قزح : " " الجمعة.
- يوم تغني عناقيده : " " السبت.
- يوم كقارة من زبد : " " الأحد.
- اليوم الثامن في الأسبوع : اليوم الإضافي.
ب‌- الجزء الثاني : تشكيل بألوان طوق الحمامة : ويستعين الشاعر فيه بمخزونه التراثي القادر على تفجير طاقته التعبيرية، إذ يستهل هذا الجزء باستلهام بطلة "ألف ليلة وليلة" شهرزاد في قصيدة : "من مكابدات شهر زاد"، فيستعير الشاعر جرحها المؤنث، المولد للطاقة التخييلية القادرة على نسج أحداث الروايات المشوقة التي أغرت بها فضول الملك شهريار ليؤجل قتلها في مطلع كل فجر. ويستلهم علال الحجام أجواء الحكايات لتساعده على البوح الشعري القادر على تخليصه مما يحاصره يوميا من واجبات الحياة اليومية، ومما يكابده في غرفته الموحشة من رهبة الصفحات البيضاء في مطلع كل ليلة جوفاء:
" أنا الجرح المؤنث
يكتب اسمه بالنجيع على ظلال القمح كل مساء
'"أخاف بداية البوح المحاصر في المغار
'"لعل الرمل يهوي بي ولا يهوي
لكني أخاف الصفحة البيضاء
أرهب في الدجى أشباحها
تنسل موحشة إلى خلدي
فتكتبني شواردها على الغيم " -2-
إن الليل موحش، وعقارب ساعته ثقيلة الدوران، خصوصا في بيئة العالم الجديد (امريكا) التي يشعر فيها الشاعر بالغربة، ولا يجد من يخلصه من هذا الشعور إلا باستحضار أجواء حكايات ألف ليلة وليلة:
"أكابد ليلة عجفاء
تخطو كالأسى محنية الظهر
في بهو البلاط ، فراستي تجلو مكابدتي
فأصطاد الحكاية من معاقلها المنيعة." -3-
وفي المقطع السادس من هذه القصيدة تحت عنوان فرعي: "يحملني دمي" يستوحي الشاعر رهبة شهرزاد من الدم المراق للعذارى ضحايا الشهوة الحيوانية المتجددة للملك السفاح شهريار، لينسج منها مضمون قصيدته بتوظيف ضمير المتكلم:
"أعاتب جرأتي العطشى:
هل أخطأت عنوان الحكاية
من بدايتها إذا ما عسعس الليل ؟ وهل أخطأت ؟
إن أبي يحملني دما ،
أفديه، هل ينجو من الزير
يطارد قصتي ويجوس ؟
وهل أنجو من الغد
إن تهاوى في بدايات الطريق حصانها المسوس." -4-
ويقرر الشاعر في المقطع التاسع من هذه القصيدة ؛ أن بوحه الشعري مستلهم مما تزخر به حكايات ألف ليلة وليلة ، يرقش بها صفحات الليل القائظة كي يتحرر مما يكابده من غربة ووحدة بعالمه الجديد:
"إني محض رواية تزنر نجمة الأفراح بالشفق
ترقش قصة الليل منعشة
تغذيها ليالي القيظ بالحرق ." -5-
إن تطعيم البوح الشعري بحمولات وضاءة من التراث العربي، وتوظيفها معنى ومبنى لنسج الخيوط المنتقاة بدقة من حروف الأبجدية الساكنة في صفر الأسفار، والتعابير القادرة على تشكيل الصور والرؤى الشعرية المنحوتة بتقنية الانزياح اللغوي بلاغيا، ورسمها بمداد الحبر القاني (لون دم العذارى المسفوك باستمرار بفعل النزوة الوحشية للملك شهريار) لتسويد الصفحات البيضاء المستفزة لقريحة الشاعر؛ لهو من صميم وظائف الشعر الخلاق، القادرة على إعادة بناء الجسور الآمنة الرابطة بين عيون التراث العربي الزاخرة بالدروس والعبر، وبين تحديث التعبير الشعري المعاصر.
إن الشاعر حذر، قلق، متوجس، كلما عسعس الليل وأرخى بسدوله على غرفته الموحشة في بيئة غير رحيمة، وهو ما يشيع في نفسه الرعب والرهبة، ولكي يتخلص من تأثيرهما السلبي، يستعين بما ترسخ في ذاكرته من لآلئ التراث العربي الأصيل، فيبدأ باصطياد الحكايات من معاقلها المنيعة - على حد تعبيره - لتطعيم بوحه الشعري، وبهذه الطريقة يستطيع التغلب على بياض صفحات ديوانه، واستغلال الوتيرة المتسارعة للزمن من أجل الظفر بوشمها وذلك بقدرته الخلاقة على إعادة صياغة الحكايات من منظور جديد. ففي المقطع التاسع من قصيدة : "مكابدات شهرزاد" تحت عنوان فرعي: "إلف ييتمنى" يقول الشاعر:
"إني محض رواية تزنر نجمة الأفراح بالشفق
ترقش قصة لليل منعشة
تغذيها ليالي القيظ بالحرق؟
"إذن، ليكن ... إذا أدركت أن الحكي سيرة غائب
تغري برونقها على الورق،
ونار الحب يوقدها الجنون متاهة في غابة الروع." -6-
ثم يذهب الشاعر إلى أبعد من ذلك حينما يتقمص شخصية الملك شهريار للاستمرار في بوحه الشعري، حيث جاء في المقطع العاشر من هذه القصيدة تحت عنوان ثانوي: "ذبابة في الكأس":

"يمرغ شهريار حروفه في الوحل
حين تكسر الرؤيا مراياه ،
يخيفه قصره ليلا.
ثقيل كالجبال هواؤه." -7-
ويتخذ الخطاب الميتا - شعري في ديوان الشاعر حضورا لا يستهان به فيما تبقى من قصائد هذا الجزء الثاني، كقصائد: "ينبوع في رحم كتاب"، و"مرايا القلب"، و"صندوق" و"مخطوط".
ج- الجزء الثالث : سكيتشات تراجيدية : ويستحضر الشاعر في القصيدة الأولى من هذا الجزء روح رفيق دربه، ومصطفى أترابه ممن سلكوا معه دروب النشأة في مكناسة الزيتون، وزميله في مهنة المصاعب والتكوين، ويشيد بمناقبه التي لا تزال راسخة في ذاكرته ، منوها بخفة روحه ودماثة خلقه:
... "تصافح نكتته النادل الطيبا
ينحني حين يخلي الممر له
مثلما ينحني للورود الصنوبر مرتبكا
فترد التحية أشواكها طربا". -8-
ثم يسترسل في استجلاء ملامح صديقه الفقيد الموشومة على أماكن السمر التي لا تزال حاضنة عبيره، وحافظة أسراره تدل عليها ما ارتسم على المقاعد والطاولات من رسوم تدل عليه:
"على ذلك المقعد الخشبي ذاته، خلف طاولة
ربما نسيت أهلها ...هل أذكرها
... بالحروف التي حفرتها لواعجه ؟
بالدوالي التي زرعتها رؤاه الشفيفة
ثم سقتها مباهجه ؟
ربما احتفظت منه يوما بدفء دعابته" -9-
ويعود الشاعر بذاكرته القهقرى ليستقرئ الأمكنة التي كان يتردد عليها صديقه ورفيقه الرقيق ، فتجيبه عن بعض أسراره:
"ها هنا كان يوما صديقي
يقهقه مستهزئا بالشموع التي التهمت نورها
والكلام الذي كتمت صفعة الريح صيحته
والكتاب الذي يمحي
حين يخرج من قمقم في المحيط صديء
... كان بعد السلام المجلجل
عبد السلام يدغدغ صمت المقاعد من حوله
ويصالح يتمه، يصدح
حين يلملم أشتات أغنية
خانها العود ذات حداد." -10-
وهذا ما يؤلب عليه الحزن الداخلي، والأسف المتفجر يأسا على فقدانه لما كان يتمتع به من حضور مؤثر ونبل أخلاقي قل نظيره بين أصدقاء اليوم :
"من ذا الذي يطمئن لطاحونة الغيب، من ؟
قد أكون أنا الصيد في شرك لا يلين
قد يكون سواي....
.... لكم كان عبد السلام
يرقش بالصبوات مواجده
ويكون بالخطرات ل"غمازة" الكرم أسماؤها.
ويعري الأساطير لما توسده شعرها،
وتخاصره في الظلام غدائره،
دون أن يعرف الآن آنئذ
أنه كان آخر نخب يعاقره". -11-
ثم يودعه في المقطع الأخير من القصيدة بحرقة حين يقول:
"فسلام عليك هنالك في ملكوتك يا صاحبي
إن موال فيروز باق
وباقية أم كلثوم تصدح آهاتها في المدى
وتضمد جرح الأخلاء،
باقية بسماتك تكبر في حسراتك
تزرع إشراقة الروح في مسلك الأصفياء". -12-
ثم يعود الشاعر بعد ذلك إلى الخطاب الميتاشعري ، حيث يقول في قصيدة "شمعة كفافيس":
"في تمام الساعة التاسعة...
حينما تبحث العادة الشعرية
في المقعد الثالث عن عود ثقاب
تسلل خلسة من جيب قافية شعثاء
يشعل الشمعة الوحيده
من أجل نزوات
كفنتها الظلمه
بآهات الآتي ..." -13-
لقد أصبحت عادة الشعر كلما عسعس الظلام ، وألقى بوشاحه على غرفته الموحشة وهو ملقى على سرير الوحدة أن يتقرى ما يمكن أن يسهل عليه استدراج شرارة انطلاق التعبير الشعري، فيجده فيما يختزنه من آهات التوجع على وضعه الوجودي ليفجره قوافي شعثاء -على حد قوله- لإطفاء ما ينتابه من نزوات تحاصره بحبائلها .
وهذا ما يسمح بانعتاقه وانطلاقه في تسويد صفحاته البيضاء التي تحاصره بنصاعة بياضها، فيغدو حرا طليقا كظبي تحرر من عقاله، فأصبح حرا طليقا يدك بحوافره العشب في المروج، ويعانق الضياء في الربى، ويحتمي بالظلال تحت الخمائل، غير عابئ بما قد يكبح جماحه من أدغال وأشواك:
"ظبي مربوط
فإذا بخمائله سجن لمخالبه
شوك في كل هسيس ،
لا توقع
يترقرق أحلاما صافية في مسالكه
أو يمتد على غمزات العشب جزرا وشطوط
رغم عناق الظل والضياء
إلا ما تفتحه الشروخ والشظايا ....
هذا قدر المخطوط." -14-
إن الصفحة البيضاء أصبحت تطارد الشاعر الشارد في ظلمة الليل ، ولذلك فهو يهابها، وترهبه عذريتها لأنها تطرح عليه أكثر من سؤال؛ ومن ثم ينبري لفض بكارتها، وضم خصرها، ومعانقة نصاعة سحنتها، ويبوح لها بما يخاله سرا من أسرار كينونته:
"والصفحة البيضاء ؟ ما بالها
لغز يخفيه التكوين
يسبح في عذريته
حبلى بلآلئها سرا
لا يكون إلا وساوس ليلة مرعدة
لأكون في أسرارها." -15-
ومن ثم فالشاعر يبدو وكأنه عاشق لفض بكارة الصفحات البيضاء كلما وجد إلى ذلك سبيلا، مستعينا في ذلك بالرعشات التي تسري في نسغه، أو برجفات الفرح التي تنتابه حين تطاوعه حروف الجرح القانية الألوان التي يخط بها قصائد موشومة على طهارة لون البياض:
"حبره النبض
حين يفيض بهاؤه
يغسل صبحه
ماء الزهر
يرتوي نوره
ويزنر في ذروة الفرح
خصر السحر
واحة كلماته تزهو كمنجاتها
وحروفه أوتارها." -16-
هذه كانت نماذج معبرة عن النوبات التي تنتاب الشاعر وتلسعه بعقاربها، وتستدرجه للبوح الذي ينخر كيانه، وهو كلما لبى النداء، سرى إحساسه بالزهو والفرح ، لأنه استطاع أن يتخلص مما يثقل كاهله من وزر لا طاقة له بحمله.
ثم ينتقل فيما تبقى من قصائد هذا الجزء الأخير للاحتفاء ببعض التفاصيل العابرة للحياة اليومية، واقتناص المدهش منها قصد الظفر بما يفجر شرارة تعبيره الفني، وحينما لا يعوزه التقاط ما يسمو ببوحه وينأى عن النزعة التسجيلية والتقريرية، يولي وجهه نحو نبعه الثر الأصيل الذي بوأه المكانة المرموقة التي يحتلها بين شعراء جيله السبعيني، نبعه الفوار بمشاعر تواصله مع سحر الطبيعة وجمالها الأخاذ، فيبدأ في عقد مقارنات بينه وبين مظاهرها التي تثير فيه طاقة تعبيرية مدهشة كما جاء في قصيدة : "سجال" التي يترنم فيها بوقع سحرها على كيانه ، وتأثير ملامح جمالها الآسرة ؛ فينسج حوارا موحيا عبر أنسنة الطبيعة الصامتة، وعناصرها المشكلة من الزهرة والغيمة، ثم يردف هذا الحوار بما يوحي إليه القمر والعطر، ليزج بذاته الشاعرة في مراسلات وجدانية ونجوى موحية:
"قالت الزهرة:
شتان ما بين الغصة والعنقود.....
قدري أن يجوفني الماء
ويحف بأشواقي شوك تبريه
مواويل الطود وتجويف الأخدود
قالت الغيمة:
لم كل هذا الجحود وهذا الطمع ؟
عمرا وأنا أكدح في الملح
عارية الجرح
علني أتسلق أشرعة العاصفة
أعلو... أعلو... ثم أنحدر
سيلا ثرثارا يسبك صولته الليل
ما أقصر أيامي تتعثر بين طرفتي فرح
وبين تباشير تزرع بذرتها الأبدية في تربة الوجع...
مهلا ... قال القمر،
ما معنى أن تمحو أسفاري في غابات الليل،
غلالة النهار الصفراء
وتدفنني في أشعتها الشمس؟
وقال العطر:
أستطيع أن أسرح حساسين الجنون أنى أريد
مستنفرا جذواتي،
لكنني في نهاية المطاف
أتبخر كالماء يترمد في رحم الحمى،
أذوب قطرة قطرة
كما يذوب مكعب السكر
تحت سنابك الشلال وينعدم ...
وقال قلبي المضرج بأسراره الأرجوانية:
ما أعظم ديناصور الهشاشة يا شيخي
يتسلق طود المحال ،
وتميمتها البنية الجوفاء
سكينة حبلى ببراكين لا تبقي ولا تذر.....
ما أفسح قلب العازف
يرقص بين أوتار السجال
ويطمئنها:
من أجل الغيمة تحنو
على زبد البحر حين تراودها القوقعه
من أجل سيل يحن إلى شرفات الموجة ما أروعه
من أجل نهار يضل الطريق إلى خيمة ثم يسكن عش القمر
من أجل غياب شوكة تعشق وردة قد يغويها الفنن
قبل أن تحترقا معا بعود ثقاب واحد...
ما أفسح
قلب العازف في منفى لا تلجم أوتاره العثرات ولا الزمن
ما أضيق أوعية الزوبعة" -17-
إن العودة إلى التملي في عناصر الطبيعة، واستقراء ما تزخر به مفاتنها من بهاء أخاذ، وسحر جذاب، هو ما يساعد الشاعر على اقتناص القدرة على انطلاق البوح الشعري عبر هذه المراسلات الوجدانية التي تتدفق سارية على صقيل الصفحات البيضاء سريان ينابيع الشعر الصافية.
يتضح من خلال هذه السياحة في ديوان الشاعر الرقيق علال الحجام: "اليوم الثامن في الاسبوع" مدى الجهد الذي بذله صاحبه من أجل تشكيل باقة من النصوص المحتفية بشعر التفاصيل اليومية المنتقاة بعناية ، سواء في بيئته الأصلية كـ (مكناس وإيفران)، أو في بيئة قصية نائية (أرض الغربة : أتلانتا). غير أن الإضافة النوعية في تجربته هذه، تتمثل في تحرر الشاعر من اندهاشه بأتلانتا ، وانبهاره بسحرها الذي ملك عليه جوارحه واستبد بالذات الشاعرة في ديوانه السابق : "صباح ايموري" والانتقال إلى خطاب ميتا-شعري ونظرات تأملية رصينة عبر الغوص فيما ترسب في التراث العربي من رموز دالة، وتوظيفها بمهارة من أجل تطعيم بوحه الشعري (من مكابدات شهرزاد على سبيل المثال). أو استجلاء ما وشم ماضيه من عبق الذكريات، واستحضار ملامح من عبر إلى الضفة الأخرى من رفاقه المقربين (آخر أنخاب الغمازة). أو العودة إلى أحضان الطبيعة منبع الطاقة المفجرة للقول الشعري، والتماهي فيما ترمز إليه من معان ودلالات من خلال انفعاله العاطفي تجاه السحر الذي يسري بين جوانحه كلما انساق وراء مراسلاته الوجدانية التي ترقى بالتعبير الشعري إلى مستوى رفيع معنى ومبنى.

 

الــهــوامـــــش
1- علال الحجام : "اليوم الثامن في الاسبوع" منشورات اتحاد كتاب المغرب ط1 يناير 1913.
2- " " : من قصيدة : "الجرم المؤنث" ص47-48-49 بتصرف .
3- " " : نفسه ص50 .
4- " " : نفسه ص53 .
5- " " : نفسه ص57 .
6- " " : نفسه ص
7- " " : نفسه ص58 .
8- " " : من قصيدة : "آخر أنخاب الغمازة" ص87.
9- " " : نفسه ص88 .
10- " " : نفسه ص89-90 .
11- " " : نفسه ص93 .
12- " " : نفسه ص94.
13- " " : من قصيدة : "شمعة كفافيس" ص96.
14- " " : نفسه ص98.
15- " " : نفسه ص99.
16- " " : من قصيدة : "شرفات" ص101.
17- " " : من قصيدة : " سجال" ص107-108-109-110.

 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة