1 – بين يدي السؤال..
هل نحن في حاجة إلى مسرح.؟
بشكل أشمل وأكثر استفزازا وصراحة جارحة، هل نحن في حاجة إلى فن؟ وماذا يضيف المسرح/الفن لحياتنا؟
سؤال مباشر، صريح، استفزازي، سؤال يضم بين طياته أكثر من سؤال، عن الذات، عن التربية، عن القيم، عن المجتمع، عن الذوق، عن الإنسان عموما.
سؤال يدفع ببعضنا إلى الدهشة والاستغراب، وبالبعض الآخر إلى الانخراط في البحث عما وراء السؤال، عن مَكْمَن اللُّغم والاستغراب وأسباب طرحه الآن.
وبما أن السؤال استمرار وبداية دائما، نطرحه الآن في هذا الظرف الذي تتكاثف فيه الرداءة وتتحول إلى قوة، حسب رأي أرسطو.. نطرحه الآن والأجيال تتجدد وتتطور تبعا لهجمة وسائل التواصل والاتصال، نطرحه الآن والوطن العربي يعيش زمن التردي والتراجعات..
وبما أن الجواب نهاية السؤال وموته، فالسؤال هنا، يفرض علينا توقُّفا للتأمل والتمحيص والبحث، وتحليل الواقع العربي والنظر في أسباب التخلف والتراجع والخيبات وتردّي الذائقة العربية.
وكل سؤال لا يستنهض فيك قلق البحث والتنقيب، ولا يشوش ما ترسخ في ذاكرتك وترسب عبر الزمن، ولا يقلق خلفياتك المعرفية واليقينية.. فهو أحد سؤالين: إما أنه سؤال لا ينتظر جوابا، أو لا يحتاج إلى جواب، وإما أنه سؤال يقف بك حيث أنت، لا يساهم في صناعة ذاتك، ولا يدفعك إلى خوض المغامرة واقتحام المجهول، ولا يدفعك إلى خوض المغامرة والشك في الثابت والمعتقد وتفكيك آلياته وإعادة تركيبها على أساس من اليقين.
لكن السؤال الذي نطرحه هنا الآن، ينتظر أكثر من جواب ولا يقف بنا حيث نحن، إنه بحث في الذات والمجتمع، بحث في ما يساهم إيجابا في صناعة الإنسان السوي القادر على خوض مجاهل ذاته للسمو بها نحو مدارج النقاء والصفاء.
2 – الانخراط في السؤال..
الإنسان لا تكتمل إنسانيته إلا بالانخراط الفعلي في عمق مجتمعه والمساهمة في بنائه وصناعة ما يؤسس هذا المجتمع من فكر وسلوك وفن، باعتبار الفن صناعة ذكية وبانية لهذا الإنسان، وليس وسيلة للترفيه وتزجية الفراغ، أو لذة عابرة تزول بزوال التأثر والتواصل، أو بمجرد العودة إلى الواقع واليومي المتكرر والمتشابه..
من خلال السؤال العريض والمقلق، نسعى أن نصل إلى أن يكون الفن بكل تلاوينه، وسيلة للإصلاح والبناء والتغيير، تغيير العقلية التي تحجرت على طباعٍ تُبْعِد عن تذوُّق الجمال، والنظرة إلى القُبح والجمال، للوصول إلى وضعية اجتماعية وسياسية وسلوكية نحيا بها ونعيش..
ما يُلاحظ اليوم، ولا يختلف فيه اثنان، أن بين الإنسان العربي والفن كسلوك حضاري، تقاطع بيّن، يضعُ الأول من الثاني موضع التنافر والتباعد حد الإهمال والزِّراية. هنا لا أتكلم عن الأقلية المريحة والنّخبة التي تعتبر الفن من الكماليات prestige التي ترفعها إلى مصافّ عائلات الحُظوة في المجتمع، لآنها الاستثناء، ولكن، أتكلم عن الأغلبية الساحقة من سواد المجتمع، والتي تمثل القاعدة من البسطاء والكادحين والعاديين من الناس الذين تركوا الفن للأقلية، واعتبروه فائض لا يضيف إلى حياتهم شيئا، فتركوه جانبا أو تخلوا عنه، ولهم ما فَضُل من كل شيء، حتى ما تعلُق بالفن والذوق والجمال..
3 – الإنسان العربي والفن كسلوك.
الإنسان العربي العادي والبسيط، الذي يُمثل القاعدة والمجتمع، والذي يفتقد يومه/أيامه، للبعد الجمالي كلمة، حركة، لمسة، سلوكا، ليُصبح هامشا أسود ينغرس في مألوفه المتكرر والممجوج حد الخصال مع الجمال الذي يكاد لا يجد له مكانا في سلوكه إلا نادرا.
الإنسان العربي، إنسان الأيام التي تتشابه، الإنسان الذي يُشبه يومه غده، إنسان الشارع البسيط، فنان بطبعه/بفطرته، يعشق الفن والجمال، يسلبه العقل والإحساس، يغني له، لكنه لا يعيشه، لا يحياه، يعشقه كطيف عابر مؤقت سرعان ما يمّحي كسراب.. يعشق امرأة، لوحة فنية، منظرا او أغنية، لحظة وتنتهي الدهشة بانتهاء التأثير، أو حين ينقلب إلى عشق آخر، ويصبح "الجمال" مألوفا يوميا منغمسا بلا طعم في يومه الذي يتكرر، لأنه ـ وهنا مكمن العطب ـ لا يعيشه كسلوك حضاري يؤطر تصرفاته داخل مجتمع يعج بالمتناقضات.
4 ـ ذ وق أم تربية.؟
هل الذوق يحتاج إلى تربية.؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن المسؤول عن هذه التربية.؟ بمعنى آخر، من المسؤول عن الذوق العام.؟ أهو الإنسان نفسه أم المجتمع وما يؤسسه من أنظمة وسلوكات ترتكز على منظومة الأخذ والعطاء، والأنا التي لا ترى إلا نفسها.؟
الأذواق بطبيعتها تختلف من فرد لآخر، لكنها تتفق في خاصية واحدة، عشق الجمال وإن بدرجات متفاوتة يفرضها الوسط والمحيط والتربية ونسبة تذوق الجمال أو النظرة إليه.
واضح للعيان، إن مؤسسات المجتمع المدني فقدت آليات تكوين الفرد السوي، حين تعاملت معه من منطلق الأخذ والعطاء، ومنطق السوق، ومنطق الربح والخسارة، والأخذ قدر العطاء، وأصبح ينظر إلى الإنسان كشيء أرخص من برميل النفط الأسود، وإلى الفن والجمال من زاوية الربح والخسارة عن طريق الإشهار والدعاية الرخيصة، لتغوص بعد ذلك كل القيم في "سوق البشرية" حيث تُعرض كل السلع حتى ما تعلق بإنسانية الإنسان وآدميته، وما يؤطر نظرته للوجود والموجودات وحين اختلّت موازين التربية والتكوين وأصبحت الآلة وسلطان الصورة والدعاية أكبر متحكم في التخطيط المستقبلي، وما يرتبط به من صناعة سوية للإنسان، وقف العربي مغلوبا ونهكا يتفرّج لا يُحسن إلا التصفيق والاندهاش وفتح الفم.
لدا أصبح لزاما على المجتمع ومؤسساته أن يفكر في أسلوب جديد لتهيئ صناعة سوية للمستقبل، وإعادة النظر في مكنزمات التربية وتثوير آلياتها؛ وعندما نقول أسلوبا جديدا، فإننا لا نقصد الانزياح عن التربية ونبذها، ولكن إعطاءها معنى آخر، أكثر جدية وصرامة لإعادة الإنسان إلى نبعه الصافي. وحين تفتقد المؤسسات المجتمعية الجمال، فبالضرورة ستَضع الإنسان بعيدا عنه قريبا من القبح. ولا مندوحة، والوضع في تردي وتدهور قيم الجمال، إلا العودة إلى الفن وما يُقرب النفس إلى الجمال.
5 ـ مشاهد درامية على هامش السؤال..
مشهد أول..
قاعة في مستشفى حيث يرقد المريض، وأنت تعوده، ماذا تحمل إليه كعربون على المؤازرة والمواساة.؟ تفاح، حليب ومشتقاته، حلوى، وربما ما منعَ عليه الطبيب أكله..
لماذا لا تحمل إليه كتابا أو وردا أو ديوان شعر أو مجسما فنيا؟ «لأن البطن عندنا مقدس، والفن آخر ما يُفَكّر فيه، أو لا يُفكّر فيه أصلا»[1].
مشهد ثان..
حين تحاصرنا الأميات بأوجُهها المتعددة والبشعة، الأمية الألفبائية، وأمية العلوم، والأمية الجمالية والفنية.. تَعْلو وجوهنا حُمرةٌ كاسفة ونحن نتفرَّسُ كتابة على ورقة أو لافتة، ونعتصر حياء ونحن نحاول فك رموزها، أو حين نقف أمام لوحة فنية فتختلط عليها الألوان والخطوط والتعابير.. فهل كُتب علينا أن نُنْعَت بالأمّة التي لا تقرأ؟ أو الأمة التي لا يتعدّى نظرها وتفكيرها بطنها وأرنبة أنفها؟
مشهد ثالث..
القُبح فينا آية، «يُغطّي أبسط تفاصيل حياتنا لدرجةٍ تجعل الجمال بيننا وفينا غريبا، لماذا انتخبنا القبح والرداءة حارسا يَصبَغ دواخلنا بالسواد ليحجُب عنا النور، فلا نرى الجمال إلا والقبح له رفيق كظله»[2] في أحيائنا، في معاملاتنا، في كلامنا، في سلوكنا وتصرفاتنا مع أبنائنا..
العالمُ غير العالم، الناسُ غير الناس، والزمان غير الزمان، شيءٌ ما يَشي بتغييرٍ خطير في حياة الناس وزمانهم، شيء ما تكسّر داخل المنظومة الإنسانية، شيءٌ ما توقّف.. هذا التوقّف فسح المجال رحبا أمام القبح ليتقدّم ناشراً أجنحته كما نسرٍ ماهر يخنق فريسته، فأصبحنا نعيش ونحيا تلك المشاهد الدرامية والمؤلمة وغيرها مما يدفع بنا إلى الخانة الضّيّقة والمُظلمة، فنسينا لون الحب، وعِطر الورد، وفتنة القراءة، ودهشة النظر إلى الجمال من حولنا.
كثيرة هي المشاهد الدرامية المُحزنة والمُبْكية التي نعيشها في وطننا العربي الممتد من الماء إلى الماء، نتخبّط فيها والتي تدفعنا دفعا إلى طرح السؤال المُحرج والعميق في نفس الآن.. هل نحن في حاجة إلى مسرح.؟ وأي مسرحٍ نحن ـ في الوطن العربي ـ في حاجة إليه.؟
6 ـ المسرح ضوء وأمل..
لعل في الفن فُرجةً وانفراجاً وأمَلا، يعود بالإنسان إلى إنسانيته التي جُبِل عليها، ويفتح للأمل فضاءات أوسع وأرحب للتصالح مع الذات والعالم.. والمسرح شعبةٌ من الفن، اجتمع فيه ما تفرّق في غيره، فهو صمّامُ أمان لكل انحراف، وحِفظٌ من كل زيغٍ أخلاقي، وحجابُ سِتْر من كل قبح قبيح.. والمسرح ليس وسيلة للترفيه المجاني أو لذة عابرة تزول بزوال التأثير، أو بمجرد العودة إلى الواقع واليومي المتكرر والمتشابه، وإنما ـ إذا نظرنا إليه كباني ومُغَيّر للحال ـ صناعة ذكية نجلو به عن معيوشنا اليومي الرتابة والروتين القاتل، وتجعله أكثر قابلية للعيش والحياة. وبما أن "المسرح هو فنّ النظر إلى أنفسنا" حسب قول أوغوستو بوال*، فهو بهذا عمل جادّ مفكّر فيه ومُعَدّ لغاية محددة للوصول بالإنسان إلى الإصلاح والبناء والتغيير المنشود، تغيير عقلية، أتعبها التكرار والمألوف من الحركات فقط، وإنما تغيير وضعية وحالة/حالات اجتماعية وسلوكية كسحها الانهيار والتراجع.. يقول الدكتور كمال عيد في كتابه "علم جمال المسرح"، "... ولكل عصر ازدهر فيه المسرح وتاريخ الأدب المسرحي يكشف عن نشاط اجتماعي وفكر متنور وتقويم للإنسان والمجتمعات عبر تأثير مسرحي ملموس". تأسيسا على هذا القول، نردد مع الدكتور محمد زكي العشماوي، "ما أظننا نغلو في الكلام إننا اليوم أشدّ منا في أي يوم آخر حاجة إلى العناية بالمسرح"، والعناية بالمسرح تعني بالضرورة العناية بالإنسان، والإنسان العربي بالخصوص، ونحن هنا لا ندين هذا الإنسان، ولا نُلقي عليه باللوم والعتاب، ولكن نسعى إلى الإنصات إلى حاجياته، نمحو المساحيق والرتوشات على أيامه التي تخرّبها وسائل الإعلام والعولمة الجشعة، ويجلو ما ران على قلبه وأحاسيسه حتى تحجّرت وزاغت عن فطرتها، «دور المسرح أن يرفع من ذائقة المجتمع، ويُعلي من مستويات تفكيرهم، ويرقى بمداركهم نحو اتساع فنون الحياة»[3].
حين يتعرض الجمال لتدمير ممنهج ومقصود في ظل هذه الهجمة الشرسة للعولمة ووسائل التواصل، وحين اختزلنا الحياة في شاشة بكف اليد أو أصغر، تغري العيون وتُسيّج مجالات ابداع الإنسان، وتطمس الجمال فينا وتُحجّره... ينبري المسرح بكل جماله وقوته يحارب القبح بالجمال المكنون في نصوصه وتحركات ممثليه والسينوغرافيا التي تؤثث فضاء تحركات الشخوص. المسرح مكان اللقاء الإنساني بامتياز، واللقاء تلاقح وتبادل، تبادل اللمسات والنظرات والقيم.. هنا الحاجة إلى المسرح تزداد بازدياد المعاناة الإنسانية.. المسرح وحده يتصدى لهذه الهجمة وهذا القبح الغائر فينا، المسرح وعيٌ بما يشغل مجتمعاتنا، وتغييرٌ إيجابيٌّ في رُؤانا ونظرتنا إلينا أولا ثم إلى المحيط، المسرح يحيي فينا لحظات العشق الأولى الكامنة في الجمال والفن، يُعيد الذات العربية إلى منابعها الصافية، إلى فطرتها النقية، فيبدو القبيح هامشيا زائلا ومنقرضا، والحسن مساهما في التطور والارتقاء الحضاري، وإجلاء الجمال المُتَكوِّم في دواخل ومجاهل نفس الإنسان العربي، وإظهاره خالصا نقيا تتكلمه الأشياء والأحياء ويعيشه الفرد واقعا على مدار سنوات عمره ليصبح الجمال مؤثرا إيجابيا في علاقاته مع غيره ومع الأشياء التي تؤثث واقعه وحياته.
والفن عموما، رافد من روافد الجمال، والمسرح شعبة من الفن، وفي كلامنا عن المسرح كلام عن الفن.
والمسرح ينشئ قواعد السلوك والعلاقات الاجتماعية، وهذه أسبق وأبقى في حياة الناس من العلوم التي تيسر لهم أسباب ووسائل العيش الهنيء. نحن لا ننكر أهمية العلم ، لكننا نقدم الفن على العلوم، وما العلوم إلا خيال امتزج بالفن فأعطى ما وصل إليه الإنسان اليوم.
وبعد، هل نحن في حاجة إلى مسرح.؟
" إن المسرح قادر على تغيير العالم " شيء أكيد، والتغيير أصلا يكون إلى الأحسن، إنه تربية ضد أنساق الفوضى والقلق والغضب، ضد الجامد الذي لا يتحرك، والثابت الذي لا يتحول.. المسرح أداة للهدم والبناء في نفس الآن، كما التربية في عمقها هدم للقبيح وبناء للجمال بكل معانيه وأبعاده سواء على مستوى السلوك أو المعاملات أو التفاعل مع الأحياء والأشياء.
تأسيسا على ما سبق، يبقى المسرح بكل حمولاته الفنية والجمالية رافدا مهما من روافد التربية السليمة للذوق العام إذ «لا ننسى أن لا فنا كبيرا لا يحمل هما إنسانيا بكل تشكلات هذا الهم السياسية أو الاجتماعية أو الجمالية… إذ ليس هناك فن لذاته ينتهي لذاته»[4].
راهنا، المسرح الذي يؤطر ثقافتنا –إكراها- مسارح متعددة تعدد الذوات والنوايا المشتغلة فيه، فالمسرح العربي عموما يوجد في شكل شظايا متناثرة، فهناك مسرح يبحث عن المال، وآخر يبحث عن المجد والشهرة، وثالث عن التسلية وتغليف الواقع والوقوف به حيث هو، ورابع عن كراسي معينة.. والقليل منه الذي يبحث في عمق السؤال ومساءلة الذات والواقع بكل تجلياته وتمظهراته محاولا خلق وترسيخ تقليد ثقافي جمالي يتغيا تربية الذوق انطلاقا من النص وتأثيث الفضاء الركحي وعنفوان الجسد المهووس بالحركة والمغامرة والانطلاق..
إن السيل يجرف ما يعترض طريقه، والحكم ظاهريا يوحي بازدهار الحركة المسرحي في بلادنا، لكنه باطنيا يعلن عكس ما يظهر(طغيان المسرح التجاري الذي يبيع الضحك فقط ولا يساهم في الارتقاء بالذوق) ويظل الذوق العام يتأرجح، أعرجا لا يستقر على حال، مؤشره الحراري يشير إلى الدرجات الدنيا، لا يصعد إلا لينزل ليظل الانشطار قائما والمسرح مسارح متعددة والقليل منها ما يهمه الذوق العام السليم وطرح سؤاله.
إن التدخل الخاطئ المعتمد والمقصود أحيانا لتشييء الذات وتصنيع الذوق حسب متطلبات "السوق" يضع الفرد في خانات ضيقة لا تحقق إنسانيته كاملة، ولا تساهم في بناء مجتمع ذوّاق، يأخذ من الفنون عموما ما يؤهله لصناعة الإنسان إنسانيا ماديا ومعنويا، لأن الفرد خليط من هذا وذاك، فإن غلب هذا ذاك فلن تتحقق إنسانيته ويحكم عليه بالجمود والتحجر، شيء كباقي الأشياء بفارق بسيط جدا، ارتفاع الصدر وانتفاخه عند التنفس.
قد يقول قائل: إن الأذواق تختلف، نعم، لكننا هنا نسعى إلى التأسيس، إلى بناء ذوق قاعدة على أساس من التربية السليمة، نسعى إلى صناعة الإنسان بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني السمو والرّفعة والذوق السليم. والتأسيس لا يتأتى إلا بمساهمة جميع مؤسسات المجتمع المدني خصوصا وسائل الإعلام نظرا للدور الخطير الذي تلعبه في تنشئة الفرد، وهي أولى القنوات التي تصاحب الفرد منذ ولادته تمنحه على طول شريط عمره "ثقافة" معينة من خلال سلطان الصورة.
إن الذوق لا يتأسس بين عشية وضحاها، لكنه يتطلب تضافر الجهود وانخراط الجميع في عمق السؤال وتحليل ملابساته للخروج من الخانة الضيقة وفسح المجال أمام الإنسان العربي ليطور ذوقه ويسمو به عبر لقطات العين وهمسات اللسان ورقصات الألوان، محاولا إيجاد ثقافة سليمة تنهض على ذوق سليم.
بعد هذا، هل نحن في حاجة إلى مسرح.؟
المراجع..
ـ عبد الهادي عبد المطلب ـ على مرمى نظر.. أشياء قريبة منا بعيدة عنا.. نصوص غير ملغومة ـ ط 1/2020 الناشر سوماكرام البيضاء المغرب ـ ص 39.
ـ نفس المرجع ـ ص 49.
(+) ـ أوغوستو بوال مسرحي برازيلي أنشأ مسرح المقهورين.
ـ ياسر مدخلي ـ أثر المسرح وأهميته - دار ناشري للنشر الإلكتروني ـ 24 أكتوبر 2015.
عصام محفوظ ـ مسرحي والمسرح ـ 1995 ـ الناشر دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع ـ ص 50.
[1] عبد الهادي عبد المطلب ـ على مرمى نظر.. أشياء قريبة منا بعيدة عنا.. نصوص غير ملغومة. (الدار البيضاء: الناشر سوماكرام، 2020)، ص 39.
[2] المصدر نفسه، ص49.
* أوغوستو بوال مسرحي برازيلي أنشأ مسرح المقهورين.