القدس في الشعر المغربي المعاصر أحمد المجاطي نموذجا - حسن الرموتي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاس« كان لدي إحساس مرير و استشعار بالهزيمة ...» *
 ليس تمة شك في أن القصيدة  المغربية الحديثة ، هي إمتداد  لنظيرتها في المشرق ترتبط معها إرتباطا عضويا، و منها تستمد الكثير من عنـاصرها، خصوصا جيل الشعراء الأوائل الذين تأثروا بالتجربة الجديدة ، و بروادها مثل بدر شاكر السياب  و    خليل حاوي،  ، حميد سعيد    نازك الملائكة وأدونيس...لتأسس لها بعد ذلك خصوصياتها التي تميزها ، لكن هذا التميز لا يعني الانفصال التام ، بل إن عناصر الاتفاق أقوى من عناصر الاختلاف ويرجع السبب إلى تشابه الشروط التاريخية وا لسياسية على الخصوص فشروط التخلف و القهر و المجتمع السلطوي ، وما واكب كل ذلك من إنكسارات وهزائم متتالية ( نكبة فلسطين- هزيمة 67...) والهجمة الشرسةعلى رموز اليسار الداعين إلى الانعتاق و الحرية ، كل ذلك  أدى إلى توحيد الرؤية  لدى العديد  من الشعراء العرب ، رغم اختلاف مشاربهم و انتماءاتهم  الفكرية و طبقاتهم الاجتماعية ، هذه الشروط التي حكمت واقع الشعراء سنجد لها إنعكاسا واضحا في قصائدهم، ويمكن أن نرصد هذا  الانعكاس أو هذه الرؤية  في هيمنة وسيادة  ثنائية بارزة رغم  اختلاف مسمياتها هي :  ثنائية  الحزن و الفرح  أو الأمل  و الألم  ، الهزيمة  و لانتصار و أحيانا  الفجر و الليل  ، المشرق والمغيب ،  الحياة الموت ، الشهادة و الاستشهاد ....
«...لم يعد الشاعر المعاصر يرى الجانب الناصع  وحده أو الجانب الـقاتم وحده ، و إنما هو يرى الجانبين ممتزجتين هو في قمة  تعاسته يدرك أن ضوء الصبح ينسلخ من ظلام الليل...» 1 هذا الحكم على الشعر العربي المعاصر من طرف د عز الدين إسماعيل  نجـد له صدى لدى بعض النقاد المغاربة يقول الناقد إدريس   الناقوري :                                     
 «...إن مجرد إسـتقراء عام   للأشعارالمنشورة منذ أوائل ستينات على الأقـل ،  يكشف وجود محورين يستقطبان معظم اهتمامات الشعراء المغاربة... هما ظاهرتا الألم و الأمل...»  2  و يعبر أحمد المديني عن التجربة بقوله «… كان  الوجدان الشعري يغلي ذاتيا و يحترق بوقود المطامح المتبخرة، وبإجهاض مشروع التحرر الاجتماعي ، و هك ذا فإن أمامنا شعرا مصعوقا بالخيبة...» .3
إذا كان حكم النقاد على التجربة الشعرية الحديثة ، أنها تجربة تحكمها هذه الثنائية، فإن المبدعين أنفسهم أدركوا ذلك ،يقول محمد الأشعري عن تجربته :« العبور من هذا الواقع لهذا الحلم يخلق  حالة  شعورية ،  هي التي يمكن  أن  نسميها  الحزن ... إنني أحلم كثيرا عندما أكتب ، و أحزن كثيرا عندما  أكتب،  ليطلقوا على ذلك ما شاءوا من الأسماء ...» 4  وفي شهادة لعبد الرفيع الجواهري«... بالرغم من الجو القاتم المـأساوي الذي  يتخلل جميع  قصائدي ، فإني دائما في النهاية  أومن بانتصار الفقراء  ، أولئك  الذين  يشرق في قلوبهم  الوطن رغم  الأحزان ...» 5 وفي شهادة لمحمد الميموني كأحد الشعراء المغاربة الرواد ، يقول عن  هذه السمة التي ميزت الشعر العربي عامة و الشـعرالمغربي علـى الخصوص، يقول عن نفسه:  « كل قصيدة من شعري  تكون جانبا من شخصيتي منها ما يصورني منكفئاعلى نفسي مجترا لآلامي ، منها ما يصورني منفتحاعلى دنيا الناس و آمالهم و آلامهم...» 6 .
و يحتل أحمد المجاطي مكانة متميزة في المنجز الشعري المغربي المعاصر ، بالرغم أنه عُرف كناقد متميز من خلال كتاباته  مثل كتاب- أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث و كتاب ظاهرة الشعر المعاصر، فهو شاعر مقل «... لا تكاد تنشر له قصيدة حتى ينسى الناس أن هناك شاعرا اسمه المجاطي » 7  لكن يعتبر نصه الشعري نصا ناضجا أسلوبا و أداء جميلا . فهو خبير بالشعر و الشعراء و من فرسانه الذين يعترف لهم بالشاعرية في ظل أزمة أصابت الكتابة و الذائقة  8
نشر أحمد المجاطي ديوانا شعريا واحدا عنوانه * الفروسية *  صدر عن منشورات
                                    & nbsp;                 
المجلس القومي للثقافة العربية، سنة1987 في طبعته الأولى ، ضم قصائد كتبت بين  سنتي 1962 و1677 ماعدا قصيدة * الحروف* التي كتبت سنة 1985، الديوان فاز بجائزة  ابن زيدون  للشعر من المعهد الاسباني العربي  الثقافة  بمدريد لأحسن عمل  شعري بالعربية و الاسبانية لسنة 1985  .
شكلت القضية الفلسطينية في الإبداع  الشعري نار القرى العربية 9،و القصيدة  الشعرية المغربية لم  تخرج عن هذا الإطار، فقد  كانت  هزيمة 1967 شرخا مؤلما في جسد الأمة العربية ،  فكان قدر الشعراء خصوصا هو أن يتشربوا مرارة النكبة، فجاءت قصائدهم داكنة مريرة، تتأرجح بين الآمل والأمل، لكن سمة الحزن المفعمة بالأسى والإحساس بالهزيمة كانت هي الطاغية. وارتباطا بفلسطين شكلت القدس بؤرة أخرى لدى الشعراء المغاربة ، اختلفت رؤيتهم لها باختلاف منطلقا تهم الإبداعية وكذلك زمن كتابة النص ، ومن هؤلاء الشعراء المغاربة أحمد المجاطي في قصيدته * القدس* ،هذا النص نشره الشاعر سنة 1967 حيث الإحساس بالفاجعة « التي تفجرت على المستوى القومي بالإدانة الكلية للبنى الخائرة التي كرست الهزيمة »   10    يشكل عنوان القصيدة عتبة أساسية للولوج إلى النص، يمدنا بزاد ثمين لتفكيك النص فهو بمثابة الرأس للجسد 11  خصوصا عندما يكون طويلا فيساعدنا على توقع مضمون النص . و عنوان نص المجاطي جاء مفردا – قصيرا- فكيف له أن يخلق هذا التحفيز بين النص ذاته و المتلقي ؟ و ماهي  آفاق انتظار القارئ  ؟ لا شك أن القارئ يستدعي في  ذهنه عناصر متعددة ،  تاريخية و دينية  و سياسية ... مثل المسجد الأقصى ، قصة الإسراء ، نزول الديانات ، المسيح، صلاح الدين ، الاحتلال الصهيوني ، بل إن قارئ النص اليوم يستحضر أحداثا وقعت بعد كتابة القصيدة  بسنوات طويلة ، لكن قيمة النص و خلوده  تكمن في تعدد قراءاته « خلود الأثر الأدبي متوقف على مدى تفاعله مع أوساط مختلفة » 12 .
يتكون هذا النص من أربعة مقاطع ، وهي مقاطع ذات بعد تراجيدي ،و إيقاع حزين تعكس حالة القدس وهي في حالة حداد تحت الاحتلال الإسرائيلي ، الشاعر يبدأ قصيدته بمشهد مأساوي حيث الحزن الطافح ، حيث الموت و الخراب ، الإحساس المر بالهزيمة ، ليست هزيمة القدس وحدها بل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج ، ويبلغ الإحساس بالهزيمة تمني الشاعر للموت ، رغم هذا الأمل الذي ،  تشكله كلمة الفجر بكل دلالاتها والذي  ينبلج من حنين الشاعر للموت :
                               
     رايتك تدفنين الريح/ تحت عرائس العتمه
      و تلتحفين صمتك / خلف أعمدة الشبابيك
      تصبين القبور / وتشربين / فتظمأ الأحقاب      ص55 **
      ظمئنا / و الردى فيك / فأين نموت يا عمة    
   مددت إليك فجرا من حنيني  للردى       ص 57
 الحنين للموت في العمق هو عنصر ايجابي ، لأن الأجيال عليها أن تستمد منه الحياة
الكريمة لمحو هذه المأساة ، ليتحول الموت إلى عناصر لمقاومة الهزيمة  13   
فالشاعر يكررهذه الرغبة ، حين تتحول القدس إلى العمة بكل ما للعمة من دلالة الوقار و الاحترام :   إن الحنين إلى الموت من خلال النضال و التضحية  ، يقابله هذا العجز و التخاذل بل  هذا الخراب و السكون ،   فأي رجاء يتمناه الشاعر في ظل هذه الظروف ؟.:
                      
   جئت إليك مدفونا / أنوء بضحكة القرصان
  و بؤس الفجر في وهران
   و صمتُ الربِّ أبحر في خرائب مكة/ أو طور سينينا    ص58
     فأية غشوة نبضت بقلبي / في دم الصحراء/ وأي رجاءْ      ص57   
 الشاعر عندما نشر ديوانه أبدل كلمة السلطان بكلمة القرصان لمالها من دلالة أعمق و أبلغ في ادانته للوضع السياسي العربي .                                            
إن واقع القدس في ظل الاحتلال الصهيوني يجسده الشاعر من خلال رموز بليغة وبالغة التكثيف، ومن خلال صور شعرية غزيرة الدلالة :
                          & nbsp;                            
            تحزُّ خناجرُ الثعبان ضوء عيونك الأشيبْ                           & nbsp;  
        و تشمخ في شقوق التيه ، تشمخ لسعة العقربْ
      و اكبر من سمائي / من صفاء الحقد في عينيّ  ص56
 
إن هذه المأساة ، وهذا الحصار و هذا اليباب  يأخذ حجما كبيرا  يفوق  قدرة  الشاعر ويبرز عجزه  في تصور هذه المعاناة ، هذه المأساة  أوسع رحابة من  فضاء الشاعرومن سمائه وحقده.بل إن الحصار المضروب على مدينة القدس من طرف العصابات الصهيونية -1967كتابة هذا النص –لازال هذا مستمرا، و بلوغ القدس أصبح محفوفا بالموت :
                          & nbsp; 
           أيا بابًا إلى الله ارتمى / من أين أتيكِ
          و أنتِ الموتُ ، أنتِ الموت/ أنتِ المبتغى ص56
هكذا ينظر الشاعر إلى القدس نظرة موضوعية ، رغم طابعها المأساوي « شعر المجاطي تعبير عن مأساة كثيرا ما تتحول إلى مواساة » 14
إن المعجم اللغوي للنص بكل دلالاته اللغوية المباشرة و الإيحائية يعكس هذه الخيبة  والإحباط و سمة الحداد و الموت  « تدفنين ، القبور ، الردى ، الموت ، العتمة ، الظلمة ، التابوت ، مدفونا ، البؤس ، خرائب ، الدم ،الليل ، الظمأ...» ثم هذا القاموس المرتبط بالكيان الصهيوني والذي يحيل على عناصر دينية و تاريخية متعددة « التيه  الصحراء ،الرب ، طور سينين ، الثعبان ، العقرب »  بل إن بعض الكلمات التي قد تبدو بسيطة ،تصبح أكثر اتساعا، فكلمة الريح في أول النص قد تحيل إلى قصة سليمان « و لسليمان الريح عاصفة تجري بأمره...»
                          & nbsp;                         &n bsp;
 و كلمة الحوت تحيل إلى قصة يونس... ونفس الشيء مع كلمات  مثل التيه و الثعبان وغيرها . الإحساس بالألم لا يطاق عندما يجد الإنسان العربي نفسه وحيدا متخلى عنه ، و الرب لا يتدخل لوقف هذه المأساة :
      وصمت الرب أبحر في خرائب مكة / أو طور سينينا    ص58 
 
موقف الشاعر ليس اعتراضا على مشيئة الله– إذا أخذنا كلمة الرب بالمعنى المباشر-   و لكنه تعبير عن حجم النكبة التي أصابت في العمق،وإدانة صارخة للواقع ،ليس الواقع العربي فقط ، بل الواقع المغربي بعد الاستقلال ، وهي مرحلة شهدت تحولا
جذريا قاسيا من الاستقلال الواعد إلى الاستغلال الجاحد ، ففي ظل هذه المرحلة ولدت القصيدة المغربية 15 ، هذا الواقع الحالك  لم يترك للشاعر مجالا للحلم  و إن كان هذا الحلم لازال حاضرا  ، لكنه بعيد :
                 
        و تلتفتين لا يبقى مع الدم / غير فجر في نواصيك
         وغير نعامة ربداء    ص 58
إن هذا الجو الحزين ، و الجنائزي ساهم إيقاع القصيدة في تكريسه ، فجاء الإيقاع بطيئا معززا لهذا الجو الكئيب ، فالنص بني على تفعيلة – متفاعلن- فهذه الحالة لايلائم التعبير عنها إلا هذه التفعيلة التي تقرأ بتثاقل و نحيب ومن خلال صوت مجهش 16.
بالإضافة إلى تمكن الشاعر من اللغة و جزالتها و البلاغة القديمة و الحديثة ،فهو « يستفزها و يستلهم رموزها و يغمسها في فضائه اشعري الخصوصي » 17 إن صورة القدس في هذه القصيدة لها ما يبررها ، فالشاعر كتب النص في خضم هزيمة1967 ، لذلك كان الوقع أشد إيلاما ، لكن قيمة النص تكمن في انفتاحه  ،ويمكن قراءته اليوم بنفس التوهج و الإحساس رغم مرور أكثر من أربعة عقود على كتابته و ذلك سر خلود الأثر الأدبي «  إن    القصيدة الستينية في أهم نماذجها ما تزال  تحتفظ بألقها و بهائها ، و نبوءتها ورؤياها  و تلك مي زة كل قصيدة أصيلة .. » 18 . تلك هي القدس في الشعر المغربي خلال الستينيات، بخلاف العقود اللاحقة ، حيث  حاول الشعراء التخلص من هذه النبرة الكالحة الحزينة ، نحو أفق يتخذ فيه الأمل حيزا واسعا كما هو عند شعراء أمثال عبد الله راجع و حسن الامراني و محمد الأشعري وغيرهم . ونرى من المفيد أن نختم هذه الورقة بهذا المقطع لعبد الله راجع
وهو أحد أبرز الشعراء خلال فترة السبعينيات لنرى الفرق بين الرؤيتين:
    أنا الباقي ، أتناسل حتى في الموت ، أطالعكم                                        & nbsp;     
    في شخص ابني وابن أخي و حفيدي و بنات الجيران
    كل الموتى في وطني ينسحبون من الأكفان
    و يعودون إلى القدس على صهوات الريح
  ولهذا تفزعكم  أشكال الجدران/ و ظلال الشجر الممتد على طول الوديان 19
 
 ذ حسن الرموتي
    
 
المراجع المعتمدة
 
*   شهادة للشاعر حول تجربته الإبداعية  ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب دار  التنوير بيروت الطبعة الثانية   /1985/ص428
  1 عزالدين إسماعيل   الشعر العربي المعاصر دار العودة بيروت  ط 3        السنة1983ص353
2 إدريس الناقوري  المصطلح المشترك دار النشر المغربية – البيضاء ط 3  ص 233 دون تاريخ
3- د أحمد المديني في الأدب المغربي المعاصر دار النشر المغربية  البيضاء 1985 ص 57
4- شهادة لمحمد الأشعري مجلة أقلام   ع 7 فبراير 1979 ص  67
5- د محمد بنيس ظاهرة الشعر المعاصر بالمغرب  دار التنوير ط 2 /1985 ص 402
 6- د محمد بنيس  المرجع نفسه ص  431
7  عبد الكريم غلاب  مع الادب و الأدباء  دار الكتب البيضاء ط 1 /1674/ ص37
8أ محمد عدناني  بنية اللغة في المشهد الشعري المغربي الجديد عالم الفكرع3 مجلد  34 يناير /مارس 2006 ص 100
9 نجيب العوفي  جدل القراءة دار النشر المغربية البيضاء 1983 ص61
10 إدريس الناقوري المصطلح المشترك  دار النشر المغربية البيضاء ط3 ص244
11 محمد مفتاح  مقاربة أولية لنص شعري  الفصول الأربعة ع29 السنة 8 /1985 ص277
12 إدريس بلمليح المختارات الشعرية و أجهزة تلقيها عند العرب منشورات كلية الآداب الرباط  مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ط 1 /1995 ص287
13محي الدين صبحي   حداثة التراث و تراث الحداثة في شعر احمد المجاطي
دراسة نشرت مع ديوان   ديوان الفروسية ص 163
14 ادريس الناقوري  المصطلح المشترك نفسه ص250
 15 نجيب العوفي   مساءلة الحداثة  سلسلة شراع   العدد 5 يوليوز 1996 ص 91
16 محمد مفتاح    مقاربة أولية لنص شعري    نفسه   ص  267
 17  احمد المديني   في الادب المغربي المعاصر دار النشر المغربية البيضاء  1985ص54
18 نجيب العوفي   القصيدة المغربية أجيال و رؤى   مجلة الاداب ع 1/2 السنة 43  1995 ص38
19 عبد اله راجع   الهجرة إلى المدن السفلى  مطابع دار الكتاب البيضاء ط1/ 1976 ص121
** النماذج الشعرية المستشهد بها من قصيدة القدس  من ديوان الفروسية سلسلة
إبداع 2 منشورات المجلس القومي للثقافة العربية ط 1/ 1987 ص 55/ 59

تعليقات (1)

This comment was minimized by the moderator on the site

تحليل رائع . ومجهود كبير . حياك الحي

براهيم مكناس
لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة